الوقفات التدبرية

* في سورة يس إستخدم ربنا تبارك وتعالى فعل (خلق) (أَنَّا خَلَقْنَا...

* في سورة يس إستخدم ربنا تبارك وتعالى فعل ﴿خلق﴾ ﴿أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا﴾ مع أنه في سورة غافر استخدم ﴿جعل﴾ (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (79)) فما الفرق بين استخدام خلق وجعل؟ لو ننظر في خاتمة الآيتين في يس قال (أَفَلَا يَشْكُرُونَ (73)) وفي غافر قال في الختام (فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ (81)). إذن جاءت في يس بما هو أدعى للشكر ﴿أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾ إذن كأنما هنالك أمور تستدعي الشكر أكثر مما ورد في غافر لأن السياق مختلف. فرق بين خلقته لك أو جعلته لك. القرآن يستخدم خلق وصنع وجعل، لما أقول هذا الشيء صنعته لك أو أقول جعلته لك أيّ الأدل على الشكر؟ أقول هذه السيارة صنعتها لك أو جعلتها لك؟ صنعتها لك، جعلتها لك ليس معناها الصنع. الصنعة دالة على الاهتمام. إذن هنالك قال ﴿خَلَقْنَا لَهُمْ﴾ وهنا قال ﴿جَعَلَ لَكُمُ﴾ أيّ الأدل على التكريم والامتنان؟ خلقنا له ابتداء، ذاك أدعى للشكر ﴿أفلا يشكرون﴾. ثم لو نظرنا ما في الآيتين تتوضح المسألة. قال في غافر (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (79) وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80) وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ (81)). ما ذكر في يس أدعى إلى الشكر ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ﴾ لم يذكر التمليك في غافر، (وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ) لم يذكر أنه ذللها لهم في غافر، ﴿وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾ لم يذكر في غافر مشارب إنما قال ﴿جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ ﴿وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ﴾. إذن هذه جزء مما ذكره في يس. إذن اقتضى أنه في سياق الآية وختامها أن ما في يس ما ذكر لأنه في مقام إبراز النعمة والتكريم قال ﴿أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾، ذاك في غافر في مقام آخر في مقام النظر في آيات الله. فإذن الآيتين تظهر سبب الاختلاف. هذا إضافة أن الجعل تكرر في غافر والخلق في يس، هذا أمر آخر ، في غافر (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا (61)) (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاء بِنَاء (64)) (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (79))، في يس (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ (36)) (وَخَلَقْنَا لَهُم (42)) (أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا (71)) (أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ (77)) إضافة إلى ما ذكرنا من أي ناحية تنظرها فهو يناسب وضع كل كلمة في مكانها الذي وضعت فيه.

ﵟ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﵞ سورة غافر - 79


Icon