الوقفات التدبرية

آية (27): *ما اللمسة اليانية في استخدام فعل (يخرج) وليس الصيغة الاسمية...

آية (27): *ما اللمسة اليانية في استخدام فعل ﴿يخرج﴾ وليس الصيغة الاسمية كما فى سورة الأنعام؟ (د.فاضل السامرائى) قاعدة نحوية: الإسم يدل على الثبوت والفعل يدل على الحدوث والتجدد. وهذه الآية تدخل في هذه القاعدة. فى سورة الأنعام قال تعالى (إنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95)) و (فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96)) أبرز صفات الحيّ الحركة والتجديد ﴿من الحياة﴾ وقد قال تعالى مع الحيّ ﴿يُخرج الحي من الميت﴾ جاء بالصيغة الفعلية التي تدل على الحركة. ومن صفات الميّت هو السكون لذا جاء بالصيغة الإسمية مع ما تقتضيه من السكون. وكلمة ﴿يُخرج﴾ لا تأتي دائماً مع الحركة وإنما تأتي حسب سياق الآيات كما في سورة آل عمران (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ {27}) لأن سياق الآيات كلها في التغييرات والتبديلات والأحداث التي تتجدد (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {26})(إيتاء الملك ونزعه، تعز من تشاء وتذل من تشاء، تولج الليل وتولج النهار) كلها في التغيرات وليست في الثبات وهذا ما يُعرف بمطابقة الكلام لمقتضى الحال. *(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (27) آل عمران) ما اللمسات البيانية في الآيتين؟ وفي الآية (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)) هل هناك رابط بين الآيتين لأنهما ختمتا بنفس الخاتمة؟ (د.فاضل السامرائى) تكلمنا في حلقة قديمة عن قوله تعالى ﴿يرزق من يشاء بغير حساب﴾ ذكرنا في حينها أن ربنا لا يُسأل عما يفعل ولا أحد يحاسبه يرزق من يشاء من دون أن يحاسبه أحد، هذا أمر ثم إنه لا يحاسب المرزوق لا يرزق على قدر الطاعة (كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) الإسراء) ثم لا يخشى أن تنفذ خزائنه، بغير حساب يعطي كيفما تقتضي الحكمة بينما الناس والحكومات كلها تنظر إلى الخزينة والموازنة ولو أنها ترى أن هذا ينبغي لكن ربما ليس عندها ما تنفق عليه لكن ربنا تعالى يعطي بما تقتضي حكمته لا يخشى أن تنفذ الخزائن. ثم أحياناً العبد لا يعلم من أين يأتي الرزق (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3) الطلاق) لا يحسب لذلك حساباً قد يأتيه الرزق من غير أن يعلم كيف وصله الرزق. وبالنسبة إلى مريم هو تطبيق لهذه القاعدة العامة تلك حالة عامة وهذه حالة فردية تطبيق على الواقع أن الله تعالى يرزق من غير حساب أن يأتي الرزق من غير السبل المعروفة ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا﴾ إذن من غير السبل المعروفة (إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)) هذه تطبيق على ما ذكر.

ﵟ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ۖ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ۖ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﵞ سورة آل عمران - 27


Icon