الوقفات التدبرية

آية (35): * ما الفرق بين (يتقبل من) و(يتقبل عن)فى الحديث عن التوبة ؟...

آية (35): * ما الفرق بين ﴿يتقبل من﴾ و﴿يتقبل عن﴾فى الحديث عن التوبة ؟ (د.حسام النعيمى) القبول هو أخذ الشيء برضى. التوبة هي الإنابة إلى الله سبحانه وتعالى. كلُ إنسان معرّض للخطأ وخير الخطائين التوابون. فالتوبة هي الكفّ عن المخالفة و العودة إلى طاعة الله سبحانه وتعالى. استعمال ﴿عن﴾ بدل ﴿من﴾:كلمة ﴿عن﴾ تستعمل حينما يكون الكلام هو عودة إلى الله سبحانه وتعالى والمتكلِم المباشر هو الله سبحانه وتعالى أو هو معلوم عن طريق الغيبة لما يقول ﴿هو﴾ يعني الله سبحانه وتعالى عبّر عنها بصيغة الغيبة لرفع الشأن والمقام من حيث اللغة. الفرق بين (عن الشيء) و(من الشيء):عندما نقول:"فلان كان يمشي بسيارته وخرج من الطريق السريع" معناه وجد منفذاً متصل بالطريق السريع وخرج. لكن لو قيل لك: "فلان بسيارته خرج عن الطريق السريع" معناه إنحرف كأنما انقلبت سيارته. هذه الصورة الآن نحن نفهمها بعد ألف عام فكيف كان العربي يفهم الفرق بين من وعن؟. ﴿عن﴾ لمجاوزة الشيء، ﴿من﴾ لابتداء الغاية كأنه ابتدأت غايته من الطريق. مع ﴿من﴾ كأنه تبقى الصِلة هناك شيء ولو صلة متخيلة أما ﴿عن﴾ ففيها انقطاع ﴿يضلون عن سبيل الله﴾ أي لا تبقى لهم صلة. فما فائدة هذه القطيعة؟ القطيعة مقصودة مرادة. التوبة ترتقي إلى الله سبحانه وتعالى ولو قيل في غير القرآن (يقبل التوبة من عباده) كأن الإثم الذي تاب عنه يبقى متصلاً به. وهذه التوبة يتخيل الإنسان صورة مادية للصلة بالله سبحانه وتعالى والصلة (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ (90) آل عمران) بناها للمجهول (بناها للمفعول) ولم يأت بحرف جرّ، ما قال لم يقبل الله توبتهم لأنهم لا يستحقون أن يذكر معهم إسم الله تعالى. هذه التوبة الموجودة عنهم لا تقبل لا منهم ولا عنهم ولا لهم لأنهم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً. (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) آل عمران) الذي يصدر عنه أي دين لا يُقبل منه، يقال أنه لا يوجد إنسان بلا دين حتى الملحد دينه الإلحاد لأن الدين هو أن تدين بشيء. والإسلام هو دين الأنبياء جميعاً لكن مع مراعاة أن إسلام أي نبي هو لزمانه فالنبي التابع الذي بعده ينبغي أن يتبعه أتباع النبي السابق حتى يصل الأمر إلى خاتم الأنبياء . (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (91) آل عمران) بناها للمجهول، (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا (37) آل عمران) لم يعدّيها وإنما تقبلها هي، (إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) آل عمران) ليس من كلام الله المباشر على لسان الباري سبحانه وتعالى وإنما على لسان البشر.

ﵟ إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﵞ سورة آل عمران - 35


Icon