الوقفات التدبرية

*انظر آية (37) *قال تعالى في مريم عليها السلام (وَأَنبَتَهَا...

*انظر آية (37) *قال تعالى في مريم عليها السلام (وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا (37) آل عمران) المفروض أن يقال إنباتاً،ما اللمسة البيانية؟(د.فاضل السامرائى) أحياناً نأتي بالفعل ونأتي بمصدر فعل آخر كما في قوله تعالى (وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) نوح) لم يقل إنباتاً لكن هذا يكون لغرض. إذا كان الفعلان بمعنى واحد أو حتى لم يكونا بمعنى واحد يكون لغرض آخر مثل قوله تعالى ﴿وتبتل إليه تبتيلا﴾ المفروض تبتّلاً. تبتيل مصدر بتّل وبتل غير تبتّل تماماً والمعنى مختلف. ليجمع المعنيين يأتي بالفعل للدلالة ويأتي بالمصدر من فعل آخر من دلالة أخرى فيجمع بينهما حتى يجمع المعنيين. فبدل أن يقول: وتبتل إليه تبتلاً وبتّل نفسك إليه تبتيلاً يقول ﴿وتبتل إليه تبتيلاً﴾ فيجمع المعنيين وهذا من أعجب الإيجاز. هذه الآية (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8) المزمل) فيها أمور في غاية الغرابة في الإيجاز. في مريم قال (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا (37) آل عمران) لم يقل إنباتاً لأنه لو قال إنباتاً هو الله تعالى أنبتها فالمنبِت هو الله تعالى لم يجعل لها فضلاً لكن أنبتها فنبتت نباتاً حسناً جعل لها من معدنها الكريم قبول هذا النبات وأنبتها فنبتت نباتاً حسناً أي طاوعت هذا الإنبات فجعل لها قبول، فجعل لها فضل في معدنها الكريم. بينما لو قال إنباتاً لم يجعل لها فضلاً رب العالمين أنبتها يفعل ما يشاء، لكن نباتاً جعل لها فضلاً، هي نبتت وجهل لها فضلاً فنبتت نباتاً حسناً فجعل لها في معدنها قبول لهذا النبات فنبتت نباتاً حسناً. *﴿ورتل القرآن ترتيلاً﴾: قال تعالى:(وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا (37) آل عمران) انظر كيف شبّه الله تعالى إنشاءه مريم بإنبات النبات الغضّ على طريق من الاستعارة زيادة في لطف الله تعالى بمريم والعناية بها أضف إلى ذلك أنه أورد أنبت بالتعدية وجعل من ذاته فاعلاً لفعل الإنبات وما ذلك إلا تشريفاً وتعظيماً لقدرها الشريف. (قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ (37) آل عمران) لقد سبق الجواب استفهام عن المكان ﴿أنّى لك هذا﴾ أي من أين لك هذا؟ فكان الجواب من جنس الاستفهام بإيراد ما يدل على المكان ﴿عند﴾. لكن كان يجزئها أن تقول ﴿من الله﴾ ويفهم السامع المقصود لكن جاءت الآية بالضمير ﴿هو﴾ لدلالة التعظيم والتفخيم لرزق الله تعالى ثم جاءت بلفظ ﴿عند﴾ لتدل على نسبة الرزق إلى الله تعالى.

ﵟ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﵞ سورة آل عمران - 37


Icon