الوقفات التدبرية

آية (٣٠) : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ...

آية (٣٠) : ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ * المكر هو التدبير وهناك تدبير حسن وتدبير سيء وفيه نوع من الخفية والسرّية وتستعمله العرب في الغالب للسوء والخداع، ونحن يجب أن ننظر للكلمة كما كانت تستعمل عند نزول القرآن، واستعملت هنا للمشاكلة أي تستعمل اللفظة التي استعملها عدوّك بالمعنى المقارب وإن كنت لا تعنيه، ﴿وَيَمْكُرُ اللّهُ﴾ هذا المكر من الله ليس تدبيراً سيئاً في ذاته وإنما هو سوء لهم أو سوء عليهم فاللفظة في دلالتها الأساسية عدوان لكنها حقيقةً ردٌ لعدوان والأصل في غير القرآن : ويدبر الله لهم العقاب. * الفرق بين المكر والكيد والخداع : المكر سر في الإنسان، كل من يعطي عطاء الهدف منه توريط المعطَى وليس إسعاده وإنما إهلاكه به يسمى مكراً. الكيد هو تدبير خفي دقيق ينطلي على المكيد به وأنت تريد من ورائه شيئاً معيناً ﴿كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾ فالله أراد أن يجعل يوسف ملك مصر وهو صغير عند يعقوب كيف؟! المخادعة والخديعة إظهار المحبة والولاء والشفقة كي تؤدي بهم إلى الهلاك. فالثلاثة تشترك في أنها إلى هلاك لكن المكر هلاك عن طريق التزيين والعطاء السم بالدسم والكيد عن طريق دقة التدبير بحيث لا تأتيك التهمة إطلاقاً. * استعمال المضارع ﴿وَيَمْكُرُونَ﴾ لأنهم مستمرون بعملهم لم يتوقفوا عن ذلك، عندما كان الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة كانوا يشتغلون بهذا وعندما إنتقل إلى المدينة لم يتوقف مكرهم والتحالف مع القبائل ومضايقة المسلمين.

ﵟ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﵞ سورة الأنفال - 30


Icon