الوقفات التدبرية

* سؤال يثار دائماً عن إحدى القراءات في القرآن الكريم في قوله تبارك...

* سؤال يثار دائماً عن إحدى القراءات في القرآن الكريم في قوله تبارك وتعالى (قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ (63) طه) فيها قراءة ﴿إنّ هذان لساحران﴾ هنالك إشكالية إعرابية تحدث وتثار هذه القضية كثيراً حتى على الفضائيات، فكيف نفهم قوله ﴿إنّ هذان لساحران﴾؟ (د. فاضل السامرائي) هذا السؤال يثار كثيراً. القراءة قراءة حفص المشهورة والمثبتة هي ﴿إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ﴾ إن المخففة من الثقيلة واللام الفارقة في ﴿لساحران﴾ فليس فيها أي إشكال أو سؤال. *لا بد أن يأتي مع خبرها اللام الفارقة هذه؟ حتى تتميز بينها وبين ﴿إن﴾ النافية. لأن لو حذفت اللام ستكون نافية (إن هذان ساحران) صار ما هذان ساحران بمعنى نفي ما هذان ساحران. مثلاً إن أنت مسافر يعني لست مسافر، إن أنت لمسافر يعني إنك مسافر، (وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (186) الشعراء) أنت كاذب، وإن نظنك من الكاذبين لست كاذباً. *تسمى اللام الفارقة؟ نعم لأنها تفرق بين النفي والإثبات، إن النافية وإن المخففة. *هذه الآية باللام تثبت السحر لهما ؟ لو حذفنا اللام تنفي السحر عنها ليسا ساحران. هنالك قراءة أخرى صحيحة ومتواترة ﴿إنّ هذان لساحران﴾. *هل يمكن توضيح الإشكالية التي تكمن في عمل ﴿إنّ﴾ في الجملة؟ لا شك أنها هي تنصب المبتدأ وترفع الخبر فتكون الآية خارج القرآن إنّ هذين لساحران، هذا جانب من اللغة. هناك تخريجات كثيرة صحيحة من جملتها أن ﴿إنّ﴾ بمعنى نعم في العربية، موجود في الشعر والنثر: بَكَر العواذِلُ في الصباح يلمنني وألومهنّ *** ويقلن شيبٌ قد علاك وقد كبرت فقلتُ إنّ فقلت إنّ يعني نعم. مثال آخر يتردد كثيراً في كتب اللغة والنحو أن واحداً قال لابن الزبير لعن الله ناقة حملتني إليك قال إنّ وراكبها، يعني نعم ولعن راكبها. هذا مما يقال فيها. فإذن الإشكال زال بموجب هذا التخريج. والتخريج الآخر أن هذا على لغة من يجعل المثنى بالألف. عندنا لغة مشهورة في الشعر والنثر: يا ليت عيناها لنا وفاها *** أعرف منها الجيد والعينان *ليس أعلم منها الجيد والعينين وإنما يلزمها النصب. المثنى ينصب بالياء؟ نعم وهذه لغة تجعلها بالألف. *يعني هناك لغة من يلزمها الألف أيّاً كان موضعها في الجملة منصوب، مجرور، مرفوع؟ أيّاً كان. والقرآن يستعمل أحياناً بعض اللغات فهذه جاءت على تلك الللغة وهي موجودة في لغة العرب. هناك تخريج آخر أنها ضمير الشأن، ﴿إنّ﴾ أصلها إنها ذان لساحران مثلها ضمير الشأن في (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ (46) الحج) *هذان أصلها الهاء للتنبيه وذا وذي وذو. ما معنى ذان؟ إسم إشارة. ﴿إنّ﴾ من أقدم أدوات الإيجاب بمعنى نعم. في العبرية ﴿هِنّ﴾ وفي الآرامية ﴿إنّ﴾ فإنّ في الأصل هي عبرية، في العبرية موجودة بمعنى نعم، ﴿هنّ﴾ في العبرية بمعنى نعم وفي الآرامية ﴿إنّ﴾ بمعنى نعم، ﴿هِنّ﴾ بمعنى ﴿إنّ﴾. واستعملها فرعون على موسى ﴿إنّ هذان لساحران﴾ إستعملها كما استعملها العبريون القدامى لهذا المعنى، نعم هذان لساحران، هذه عبرية. *وتكون ﴿إنّ﴾ هنا بمعنى نعم؟ بمعنى نعم هذان لساحران في العبرية القديمة وفي الآرامية واستعملها للعبرانيين كما كان يستعملها القدامى وهذا من أعجب التعبير *والذي استخدمها فرعون وسيدنا موسى وهذه اللغة كانت موجودة عندهم، استخدمها بلغة عصره؟ بلغة عصره كما استعمل السيد بمعنى الزوج وكما استعمل الملك وفرعون وكما استعمل هامان والعزيز هذا مما يدل على الإعجاز *لنا أن نسأل أن القرآن قال بلسان عربي مبين وهذه الكلمات بالعبرية؟ هي موجودة في اللغة العربية أيضاً ، هي قديمة ومشتركة باللغات السامية. *اللغات السامية التي هي اللغة العبرية والعربية والفارسية؟ الفارسية لا، الآرامية والأكادية، البابلية، لغات قديمة، هذا من أعجب الاستعمال. *حينما قيلت هذه الاية ﴿إنّ هذان لساحران﴾ في عهد المصطفى عليه الصلاة والسلام ما ثبت أن كفار مكة اعترضوا وهم أهل بيان؟ هذه لغتهم، هذه لهجة عندهم. وفيها تخريجات ﴿إنّ﴾ بمعنى نعم عندهم فليس فيها إشكال بالنسبة لهم. لكن الغريب أنها تستعمل في هذا الموطن، تأتي هنا في قصة فرعون وموسى الذي يتحدث هذه اللغة.. *هذه لفتة تثبت وجهاً آخر من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم. لا شك. ولم أن هذا المعترِض يعلم ما كان سأل. وإلا يكون مغرضاً أما الجاهل فيسأل. *ما وجه الإعجاز؟ يقال ربما سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تعلّم هذه اللغة ونقلها؟ هذه لم تُعرّف إلا في الدراسات الحديثة . *لم ينص عليها الأقدمون؟ لا، هذه في الدراسات الحديثة عُلِمت.

ﵟ قَالُوا إِنْ هَٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ ﵞ سورة طه - 63


Icon