الوقفات التدبرية

آية (52): * ما الفرق بين (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ...

آية (52): * ما الفرق بين (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) المائدة) و(فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) آل عمران)؟ (د.حسام النعيمى) فى آية آل عمران :(فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُم(ُ كلمة منهم إشارة إلى بني إسرائيل، بعد أن كلّمهم ودعاهم وأظهر لهم المعجزات وطالبوه بإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأعمى يبصر. بعد كل هذه المعجزات المفروض الإنسان أن لا تأخذه العزة بالإثم. لما يرى هذه الأشياء وهي معجزات ملموسة ومشاهدة من قبل مئات من الناس وليس شخصاً واحداً. مع ذلك كفروا به وقالوا هذا سحر وأنت ساحر والسحرة يفعلون هذا. فأحس عيسى  منهم الكفر عند ذلك توجّه إليهم بالدعوة وبالسؤال: من يناصرني إلى إبلاغ دين الله عز وجل؟ هذه الشريعة؟ إذن هو يسأل عمن ينصره؟ عن أنصار والنصرة تقتضي الجمع. (من أنصاري إلى الله) قال الحواريون (والحواري في اللغة بمعنى المنقّى المصفّى بحيث لما تذهب عنه الشوائب يكون أبيض كالثوب الأبيض منقى من الشوائب). ﴿قال الحواريون نحن أنصار الله﴾ كان يمكن أن يكتفوا بقول ﴿نحن﴾ وإنما أرادوا أن يوضحوا ويبينوا أي نحن أنصار دين الله، فقولهم أنصار الله فيه بيان وتأكيد. ﴿آمنا بالله﴾ لأن هو سألهم من أنصاري إلى الله؟ فقالوا آمنا بالله الذي تدعوننا لنصرة دينه ﴿واشهد بأنا مسلمون﴾فعل أمر لعيسى  اشهد علينا أننا مطبقون لشرع الله، لهذا الإيمان. الإيمان في القلب لا يظهر والإسلام تطبيق عملي فنحن نطبق عملياً. الآيات تضمنت تأكيدات وبيان: أنصار الله، آمنابالله، بأنا، وأنّ للتوكيد فيها معنى الضم. فقلّل التوكيد في ﴿أنّ﴾ حتى يتوصل إلى الإدغام الموحي بصورة الجمع ولم يقل ﴿بأننا﴾ لأن فيها تفريق.أصلها (أنّ والتحقت بها: نا) نحن عندنا الأحرف المشبهة بالفعل فيها أنّ، كأنّ، لكنّ إنّ منتهية بنون مشددة لما تلتحق بها ﴿نا﴾ التي هي للمتكلمين أو المعظِّم لنفسه يكون عندنا ثلاث نونات فأحياناً العرب يخففون بحذف إحدى النونين فيقولون إنّي وإنّك. مع ﴿نا﴾ للمتكلمين يفعل الشيء نفسه إنّا وإننا، لكنا ولكننا وكأنا وكأننا ما أن يحافظ على كيانها فتكون ﴿نا﴾ مفصولة عنها (إننا، كأننا، لكننا). وإما أن يخفف بحذف النون الثانية فتدغم النون الأولى لأنها نون الضمير فتصير: كأنا، لكنا، إنا. فهنا حذف وخفف لأن التوكيدات كثرت فخفف التأكيد وتوصّل عن طريق هذا إلى الإدغام المشعِر بهذا الإلتصاق بين أنصار الله لذا قال ﴿واشهد بأنا مسلمون﴾ ولم يقل بأننا لأن الصورة صورة مناصرة يراد لها صفّ وقرب وإلتصاق. في آية المائدة الكلام على الإيمان وهو إلهام الله عز وجل لهذه الصفوة أن تؤمن، و هذه الآية ليس فيها تأكيدات فحوفظ على ﴿إنّ﴾ كاملة حتى يكون فيها التأكيد لإسلامهم. ﴿واشهد بأننا﴾ أننا آكد من أنّا من حيث التأكيد. ﴿واشهد بأننا مسلمون﴾ فيها إلتفات. قال آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون ولم يقولوا مؤمنون لأن الإيمان لا يظهر وعيسى عليه السلام يحتاج لمن يظهر له علامة الإيمان وعلامة الإيمان التطبيق ﴿الإسلام﴾ النبي يريد منهم أن يظهروا إسلامهم واشهد أننا مطبقون لهذا الإيمان لأن الإيمان يكون ضمناً.

ﵟ ۞ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﵞ سورة آل عمران - 52


Icon