الوقفات التدبرية

آية (26): * وفي سورة العنكبوت في قصة إبراهيم اعترضتها آيات تخاطب...

آية (26): * وفي سورة العنكبوت في قصة إبراهيم اعترضتها آيات تخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم ثم تعود إلى قصة إبراهيم ؟ (وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (16) العنكبوت) لماذا لم يذكر ﴿لأبيه﴾ مع أنه ذكره في آية أخرى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ (26) الزخرف)؟ القصص القرآني ومنها قصة إبراهيم يُذكر بحسب ما يراد منها عموماً لكن نحن الآن يعنينا إبراهيم، شأن القصص يؤخذ منها الأمور التي يُراد أن يُركز عليها، يلقى عليها الضوء. بالنسبة للسؤال في سورة إبراهيم هو أصلاً في هذا الموضع بالذات هي مختصة بذكر قسم من ذريته في مكة، هي توضح هذا الأمر، تروي هذه المسألة وهو ذكر قسم من ذريته في مكة (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) إبراهيم) تروي هذا القسم فقط. لاحظ في سورة مريم موقفه مع أبيه فقط وليس مع ذريته (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45)) فقط تروي قسماً من موقفه مع أبيه. في العنكبوت لقومه خاصة لا يذكر الأب (وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ (16)) لا يتعرض للأب. في الشعراء موقفه مع أبيه وقومه (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70)). فإذن في كل سورة يريد أن يركز على أمر، في مكة يتعلق بقسم من ذريته وبناء البيت. في مريم كيف كان الموقف مع أبيه؟ وكيف كان النقاش مع؟ في مريم الموقف مع أبيه ونقاشه، يذكر في العنكبوت كيف كان مع قومه، وفي الشعراء والأنبياء كيف كان مع أبيه وقومه وكيف كلمهم؟. هذا في الشعراء والأنبياء، هل له موقف آخر؟ نعم هناك موقف آخر له مع الملائكة ليس له علاقة بالتبليغ لما دخلوا عليه الملائكة وبشروه وخاف منهم (فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70) هود) هذه يذكرها في هود والحجر، إذن هي مواطن معينة يركز عليها، لا تكرار أبداً لا يمكن. * لا نستطيع أن نقول تكلم هنا وهنا بنفس القصة لكن بإمكاننا أن نقول أنه في كل سورة يأتي بملمح فإذا ما جمعنا هذه الملامح ترتسم الصورة العامة للقصة الكاملة ! وهذا الملمح يأتي مع السياق ومع ما يراد أن يُذكر. * إذن حتى الملمح نفسه مختار بعناية دقيقة ليتواءم ويتواكب مع السياق العام للسورة، لا إقحام ولا دسّ ؟ هذا اختيار وفق برنامج ومنهج. * هل لنا أن نسأل مثلاً – وربنا سبحانه لا يُسأل عما يفعل – لكن نحاول أن نفهم القصص القرآني ، لِمَ لم تأت جميع قصص القرآن كلها في سور مستقلة كما في حالة يوسف مثلاً؟ ابتداء القرآن ليس كتاب قصص مثل ألف ليلة وليلة وإنما هو كتاب هداية فيذكر الجانب المتعلق، قسم يذكر أقوم فيذكر عدة مواقف للأقوام كيف تأتي، يريد أن يذكر على مسألة، مسألة التوحيد فيذكر موقف الأقوام منه كيف يكون والأنبياء وموقفها منه كيف يكون؟ ليست قصة هكذا وأنها بشرية يستعرضها ثم يصدر أحكاماً فيما بعد ملائمة للسياق، قصة يوسف كانت رداً على سؤال لن تتكرر، كان سؤالاً (لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ (7) يوسف) بناء على سؤال كفار قريش طلبوا من أهل الكتاب في المدينة أن يسألوا الرسول عن أمر فقالوا اسألوه عمن ترك فلسطين وذهب إلى مضر لماذا؟ وما هي قصته؟ فذكر قصته. لم تتكرر، هي قصة خاصة ليست كبقية القصص مثل قصة عاد التي فيها تبليغ وموقف الأقوام لكن قصة.

ﵟ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ﵞ سورة الزخرف - 26

ﵟ وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ۖ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﵞ سورة العنكبوت - 16


Icon