الوقفات التدبرية

*في قوله تعالى (لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ...

*في قوله تعالى (لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (35)يس). إذا نظرنا إليها هي صيغة استفهام وفي مكان آخر يقول ربنا تبارك وتعالى (فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70) الواقعة) فكيف نفهم هذا الاختلاف ؟(د.فاضل السامرائى) ربنا سأل هذا السؤال بعد أن ذكر النعم أفلا يستدعي ذلك شكر المنعم الذي أمدهم بذلك وبما أنعم عليهم؟ هذه الفاء سببية تفيد السبب، بعد ما ذكر من الجنات والحب وما إلى ذلك وما عملته أيديهم ألا يستدعي هذا الشكر؟ *أصلها خارج القرآن أفلا يشكرون الله على ما أعطاهم من نعمة؟ نعم. فهو عرض لكن بصيغة الاستفهام والإنكار على من لا يشكر ﴿أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾ ألا يستدعي ذلك شكر المنعم الذي أمدهم بهذه النعم الجليلة؟. أما السؤال الذي تفضلت به (فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70) الواقعة) ﴿لولا﴾ نسميها نحن حرف تحضيض، من حروف التحضيض بمعنى الحث بشدة. ذاك عرض بصورة الاستفهام ﴿أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾ يعني عرض ألا يستدعي ذلك الشكر؟ هنا ﴿فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ﴾ هذا تحضيض على الشكر لكن بها شدة وطلب. التحضيض هو الطلب بشدة حتى بعضهم يقول بشدة وإزعاج. المهم يكون التحضيض أشد من الطلب عندنا في البلاغة. عندنا أدوات عرض وأدوات تحضيض التحضيض أشد لأنه يحث على الشيء، حثّ. يبقى السؤال لماذا اختلفت الصيغة؟. في قوله ﴿أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾ هذه ليس فيها تحضيض فيها طلب بالشكر ألا يستدعي ذلك الشكر؟ *﴿فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ﴾ فيها حضّ وحثّ وإزعاج على الشكر اشكروا، لماذا اختار هنا هذه الصيغة؟ السياق في سورة يس هو تعداد النعم الحب والجنات وما عملته أيديهم وذكر الآيات والدلائل ومظاهر الرحمة، هذا في يس. في الواقعة هو تحذير وتوعّد وتهديد. تبدأ الآيات (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ﴿٦٠﴾ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ) هذا تحذير، (وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٦١﴾ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ ﴿٦٢﴾) جاء بـ﴿لولا﴾ فيها تحذير. ثم لما يستمر (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ ﴿٦٣﴾ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ﴿٦٤﴾ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ﴿٦٥﴾) هذا تحذير (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ﴿٦٦﴾ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴿٦٧﴾) (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ ﴿٦٨﴾ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ﴿٦٩﴾ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴿٧٠﴾) إذن السياق مختلف. هذا السياق فيه تحذير وتهديد فإذن يحثهم هو على الشكر فيه شدة وذاك المقام مختلف. ثم نلاحظ أطلق الشكر هنا قال ﴿فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ﴾ في الواقعة وفي يس أطلق الشكر في الحالتين لم يقيده بالنعمة أو بالمنعِم. هو أحياناً يقيده بالنعمة ربنا يقول (وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ (114) النحل) (وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ (19) النمل) هذا شكر للنعمة. (وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) البقرة) هذه للمنعم ﴿وَاشْكُرُواْ لِلّهِ﴾، تلك للنعمة ﴿أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ﴾. هذا للمنعم ﴿وَاشْكُرُواْ لِلّهِ﴾ (كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ (15) سبأ) .هنا ﴿أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾ يعني اشكروا النعمة واشكروا المنعم. ولهذا لم يقيدها سبحانه وتعالى يطلب منهم أن يشكروا النعمة وأن يشكروا المنعِم. *أليس شكر النعمة هو شكر المنعم؟ ليس بالضرورة. هناك تحديد واضح للمسألة أن يبوء بنعمته عليه ويعترف بنعمته عليه ما يرى من عافية يعرفها ويذكرها.

ﵟ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﵞ سورة الواقعة - 70


Icon