الوقفات التدبرية

في سورة الفلق الإستعاذة بواحدة ثم إستعاذ من كثير أما في سورة الناس...

في سورة الفلق الإستعاذة بواحدة ثم إستعاذ من كثير أما في سورة الناس فاستعاذ بكثير من واحدة فقط فما اللمسة البيانية؟(د.فاضل السامرائى) ما ذكره في سورة الناس أخطر مما ذكره في سورة الفلق. أولاً سورة الفلق الشخص إستعاذ من أمور ليس له فيها حيلة (من شر ما خلق، من شر غاسق إذا وقب، من شر النفاثات في العقد، من شر حاسد إذا حسد) وإذا وقعت عليه وقعت في صحيفة حسناته إذا كان صابراً محتسباً، إذا وقع على الإنسان شر من أي من هذه الشرور يصبر ويُثاب. في سورة الناس تدخل في قائمة سيئاته ويحاسب عليها في الدنيا والآخرة ﴿من شر الوسواس الخناس﴾ الذي يدفعه ليسيء في حق نفسه وحق الآخرين ﴿الذي يوسوس في صدور الناس﴾. كل الأمور في الشرور هي من شر الوسواس الخناس سواء كان ذلك في حق نفسه أو في حق الآخرين وحاسب عليها في الدنيا والآخرة. إذا اعتدى على الآخرين يحاسب في الدنيا إذا طاله القانون ويحاسب عليها في الآخرة إذا لم يأخذ العقاب في الدنيا. لذا هي أخطر لذا قال ﴿قل أعوذ برب الناس(1) ملك الناس(2) إله الناس(3)﴾ ثلاثة أشياء ورتبها ترتيباً عجيباً: رتبها بأن هذه الأمور المذكورة هي هكذا دفع الشرور بين الناس في تعامل الحياة. إذا وقعت للإنسان مشكلة لا يعرف أن يحلها يستعين أولاً بأهل الخبرة وهم الرب والرب هو المرشد والموجّه والمعلم والمربي ﴿رب﴾، فإذا لم تحل المشكلة يلجأ للسلطة والقضاء ﴿ملك﴾ فإذا لم تحل بالقضاء يلجأ لرب العالمين يحلّها ﴿الله﴾، هذا التعامل في الحياة رتبها تعالى في سورة الناس. الرب هو المرشد والموجه والمعلم فأنت تستعين بأهل الخبرة والمرشد والمعلم أو يوجهوك عندما يحصل لك مشكلة يوجهونك لكن لم تحل القضية تلجأ للقضاء ﴿الملك﴾ لم تحل، تلجأ لله تعالى. حتى الترتيب البياني ترتيب عجيب: في المضاف (رب، ملك، إله) إتجه من الكثرة إلى القلة وفي المضاف إليه إتجه من القلة إلى الكثرة ﴿الناس﴾. بدأ بالرب وقد يكون في المجتمع مرشدون وموجهون كثيرون، الملك أقل من الربّ (الموجهون وقد نقول رب الدار) في الدنيا، كم ملك في الدنيا؟ الإله أقل من الملك إذن إتجه من الرب ﴿أكثر﴾ إلى ما هو أقل ﴿الملك﴾ إلى الواحد الأحد ﴿الإله﴾ رتبها من الكثرة إلى القلة. المضاف إليه (كلمة الناس) رتبها من الكثرة إلى القلة: رب الناس لكل مجموعة من الناس لديهم من يعلّمهم، لكل مجموعة من يعلمهم فهو ربهم، ناس الملك أكثر من ناس الرب لأن الدولة فيها ملك واحد، وناس الإله أكثر من ناس الملك. سُنّة الحياة في الخصومات: رب، ملك، إله رتبها بالمضاف من الكثرة إلى القلة وبالمضاف إليه من القلة إلى الكثرة. ولم يأت بالواو ما قال رب الناس وملك الناس وإله الناس حتى يدل على أنها ذات واحدة لا تحتمل ذوات متعددة، والواو قد تفيد المغايرة. عندما حذف الواو أفاد أنها لذاتٍ واحدة. إذا استعذت بالرب فهو الله وإذا استعذت بالملك فهو الله وإذا استعذت بالإله فهو الله، ذات واحدة. لذا قال (قل أعوذ برب الناس، ملك الناس إله الناس). لم ينتقد أحد في صدر الإسلام القرآن وإنما قالوا (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَـذَا (31) الأنفال) فلما تحداهم قولوا مثله ما قالوا لكن لما جاء الجهل في اللغة العرب

ﵟ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﵞ سورة الفلق - 1

ﵟ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ﵞ سورة الفلق - 2

ﵟ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﵞ سورة الفلق - 4

ﵟ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﵞ سورة الفلق - 5


Icon