الوقفات التدبرية

قوله تعالى:{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ...

قوله تعالى:﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِير﴾[البقرة:107]. حيث جمع السماء ، وأفرد الأرض، ولم ترد الأرض في القرآن الكريم إلا مفردة، حتى ،أنه تعالى لما أراد الإشارة إلى تعددها قال:﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ ﴾[الطلاق:12]. والسبب في ذلك – والله أعلم – على نوعين: الأول: سبب معنوي قاله ابن جني، وهو: (( أن السماء بعيدة عنا، فلسنا نشاهد حالها، فنعلم اتصال بعضها ببعض، كاتصال أجزاء الأرض ببعضها البعض، ألا ترى أن السهل والجبل والوادي والبحر والبر لا تجد شيئاً من أجزائه منفردا عن صاحبه، ونحن لا نعلم هذا من حال السموات، كما علمنا، وتحققنا من حال الأرض، فلاق بالأرض أن تأتي بلفظ الإفراد، ولاق بالسماء أن تأتي بلفظ الجمع تارةً، وبلفظ الإفراد أخرى)) انتهى كلامه. ثم إن الأرض لا نسبة لها إلى السموات في سعتها، قال الإمام ابن القيم – رحمه الله-:((بل هي بالنسبة إليها كحصاة في صحراء، فهي، وإن تعددت،وكبرت، بالنسبة إلى السماء كالواحد القليل، فاختير لها اسم الجنس)). ولذلك استعملت الأرض مفردة، والسماء مجموعة. الثاني: سبب لفظي، وهو أنهم لو جمعوا الأرض جمع تكسير لقالوا: آرضٌ، كأفلس، أو آراضٌ، كأجمال، أو أرُوضٌ، كفُلوسٍ، وهذه الجموع ثقيلة، بعكس جمع السماء، فهو عذبٌ حسنٌ، قال ابن القيم – عليه رحمة الله- :((وأنت تجد السمع ينبو عنه بقدر ما يستحسن لفظ السموات، ولفظ السموات يلج في السمع بغير استئذان؛ لنصاعته وعذوبته)).

ﵟ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﵞ سورة البقرة - 107

ﵟ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﵞ سورة الطلاق - 12


Icon