الوقفات التدبرية

قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ...

قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ البقرة ( 282 ) . حيث قال ﴿ تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ ﴾ ولذكر : ﴿دَيْنٍ﴾ فائدة عظيمة مع اغناء الفعل ﴿ تَدَايَنْتُمْ﴾ عنها ، ففائدتها لفظيه ومعنويه ، فاللفظية ليرجع اليه الضمير في قوله : ﴿ فَاكْتُبُوهُ﴾ لأنه لو لم تذكر تلك الكملة لوجب أن يقال (اذا تداينتم فاكتبوا الدين ) ، وهذا غير حسن ، فما فيالآية أحسن نظماً ، قاله الزمخشري . وقال الزركشي : " وهو ممنوع ، لأنه كان يمكن ان يعود المصدر المفهوم من ﴿تَدَايَنْتُمْ﴾ لأنه يدل على الدين ." أما الفائدة المعنوية فان قوله ﴿ تَدَايَنْتُمْ﴾ ( مفاعلة ) من ﴿ الدين ﴾ ، ومن ﴿ الدين﴾ ، فمجيء قوله ﴿ بِدَيْنٍ﴾ ليدل على انه من ﴿ الدين ﴾ ، لا من ﴿ الدين ﴾ ، وكذلك لو لم تخصص المفاعلة بقوله : ﴿بِدَيْنٍ﴾ لجاز أن يقصد به المجازاة بالمودة ، كما قال الراجز : داينت أروى والديون تقضى فمطلت بعضا وأدت بعضا وهذا النوع من الدين لا كتابه له ، ولا شهود عليه . وله فائدة أخرى حيث تبين تنوع الدين الى مؤجل وحال ، وأراد هنا الدين المؤجل ، لأنه قال : ﴿ بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ﴾ . وأما قوله ﴿ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ فوصف الأجل بالمسمى ، ليعلم أن التأجيل لا بد أن يكون وقته معلوما ، كالتوقيت بألسنه والشهر واليوم ، وليس معلقا على المجهول . وبهذه المناسبة أنبه على ان كثيرا من الناس يخلطون مصطلح ﴿ الاسم ﴾ بمصطلح ( المسمى ) ، فيسمون كل واحد منهما باسم الاخر ، فيقول أحدهم : أنا اشترك مع فلان بالمسمى ، أو غير فلان مسماه الى كذا ، وهذا كله خطأ ، فليس الاسم هو المسمى ، ولا العكس ، قال ابن السيد البطليوسي : " ولو صح ان يكون الاسم هو المسمى لوجب ان يروى من قال : ﴿ ماء ﴾ ويشبع من قال ﴿ طعام ﴾ ويحترق فم من قال ﴿ نار ﴾ ويموت من قال ﴿ سم﴾. فالمسمى هو صاحب الاسم ، فمثلا : أداة الكتابة مسمى ، والقلم اسمها ، وهكذا .

ﵟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ۚ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ۖ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ ۚ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ۚ وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا ۖ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا ۗ وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ۚ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ ۚ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﵞ سورة البقرة - 282


Icon