الوقفات التدبرية

قوله تعالى: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ...

قوله تعالى: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾[الصف: 12]. لو أن سائلا سأل، فقال: لم حذفت ﴿منْ﴾ في هذه الآية: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾، ولم تكن كآية سورة (الأحقاف):﴿يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾[الأحقاف: 31] لقلت: قد بينت أن آية (الأحقاف) تخص الكافرين، وقد دلت على الإنقاذ من الكفر وذنوبه؛ لأن الإسلام يجُب كل ما قبله، فهي خروج كامل من الذنوب. أما آية الصف فهي إخبار عن المؤمنين الذين قد سبق لهم الإنقاذ من ذنوب الكفر بإيمانهم، ثم وعدوا على الجهاد بغفران ما اكتسبوا في الإسلام من الذنوب، وهي غير محيط بهم كإحاطة الكفر المهلك بالكافر، فلم يتضمن الغران معنى الاستنقاذ؛ إذ ليس ثم إحاطة من الذنب بالمذنب، وإنما تضمن معنى الإذهاب والإبطال للذنوب؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات، كذا قال السهيلي –رحمه الله – في كتابه (نتائج الفكر). أما قوله تعالى: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾[البقرة: 271]. فإن﴿مِنْ ﴾ فيها للتبعيض؛ لأن الصدقة لا تذهب جميع الذنوب، بل بعضها.

ﵟ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﵞ سورة الصف - 12

ﵟ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﵞ سورة البقرة - 271


Icon