الوقفات التدبرية

قوله تعالى:﴿نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا...

قوله تعالى:﴿نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا ﴾[الإنسان: 28] سبق القول مرارا: إن ﴿إذا﴾ تستعمل في ما كان متحقق الوقوع، و﴿إن﴾ تستعمل في ماكان محتمل الوقوع، أو بعيده، لكن اشكل على العلماء استعمال ﴿إذا﴾ في هذه الآية مع مشيئة التبديل، والتبديل غير واقع. وأجيب بأن التبديل هنا يحتمل وجهين: "أحدهما: إعادتهم في الآخرة؛ لأنهم أنكروا البعث. والثاني: إهلاكهم في الدنيا وتبديل أمثالهم، فيكون كقوله: ﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآَخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا ﴾[النساء: 133]. فإن كان المراد في الدنيا وجب أن يجعل هذا بمعنى﴿إن﴾ الشرطية؛ لأن هذا شئ لم يكن، فهي مكان ﴿إن﴾؛ لأن الشرط يمكن أن يكون وألا يكون، ألا ترى إلى ظهورها في قوله تعالى:﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآَخَرِينَ ﴾ [النساء: 133], ﴿إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ﴾[سبأ: 9]، وإنما جاز لـ﴿إذا﴾ أن تقع موقع﴿إن﴾ لما بينهما من التداخل والتشابه" ولست أرى أن ﴿إذا﴾ هنا بمعنى ﴿إن﴾، بل أراها باقية على معناها الأصلي؛ فيكون ذلك أبلغ في التهديد؛ ليأتي نتيجة لما سبقه من ذكر الخلق وشد الأسر.

ﵟ نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ ۖ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا ﵞ سورة الإنسان - 28

ﵟ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ قَدِيرًا ﵞ سورة النساء - 133


Icon