الوقفات التدبرية

قوله تعالى : يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي...

قوله تعالى : يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النساء: ۱۷6] قد سبق الحديث عن استعمال ﴿إن﴾ الشرطة مع بعيد الحصول أجاب ابن القيم - رحمه الله - عن هذا الإشكال، فقال : التعليق ليس على مطلق الهلاك، بل على هلاك مخصوص، وهو هلاك لا عن ولده، فهو تعليق على شرط قد يكون بعيد الوقوع حيث يموت ميت" ليس له ولد، وله أخت، وكذلك سائر الشروط في الآية . والله أعلم. وعن قوله تعالى في هذه الآية : ( فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك و قال أبو یعلی زکریا بن یحیی بن خلاد : حدثني أبو عثمان المازني، قال : سأل مروان بن سعيد المهلبي أبا الحسن الأخفش عن قوله - جل وعز-: ( فإن كانتا اثنتين و أليس خبر (كان) يفيد معنى ليس في اسمها؟، قال : نعم ، قال : فأخبرني عن : وكانتا اثنتين و أليس قد أفاد بقوله معنى ما أراد؟ ، فلم يحتج إلى الخبر؟، أي : أن الألف في وكانتا ) تفيد التثنية، فلأي معنی فر ضمير المثنى بالاثنين؟ ونحن نعلم أنه لا يجوز أن يقال : فإن كانتا ثلاثا، ولا أن يقال : فإن كانتا خمسة. فقال الأخفش : إنما أراد: فإن كان من ترك اثنتين ، ثم أضمر ﴿من﴾ على معناها ، قال : فبإضماره ﴿من﴾ على معناها أفاد معنى ما أراد، قال الشيخ إبراهيم بن يوسف: «الصواب الإجابة ب﴿بلی﴾؛ لأن الإجابة بنعم) إيجاب للنفي، وتقرير له، وليس ذلك هو المراد هنا. فأفاد العدد المجرد من الصفة، أي: قد كان يجوز أن يقال : فإن كانتا صغيرتين فلهما كذا، أو : صالحتين فلهما كذا، وإن كانتا كبيرتين فلهما كذا، فلما قال : فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان ه أفاد الخبر أن فرض الثلثين للأختين تعلق بمجرد كونهما اثنتين فقط على أية صفة كانتا عليها من كبر أو صغر ، أو صلاح أو طلاح ، أو غنى أو فقر، فقد حصل من الخبر فائدة لم تحصل من ضمير المتى). قال أبو محمد الحريري - رحمه الله -: «ولعمري لقد أبدع مروان في استنباط سؤاله، وأحسن أبو الحسن في كشف إشكاله» وقال ابن الحاجب - رحمه الله -: «وأولى من ذلك أن يقال : الضمير في وكانتا 4 عائد على الكلالة، والكلالة يكون واحدة واثنين وجماعة، فإذا أخبر باثنين حصلت به فائدة ، ثم لما كان الضمير الذي في (كانت العائد على الكلالة، هو في المعنى اثنين، صح تثنيته، فإذن تثنيته فرع عن الإخبار باثنين؛ إذ لولاه لم يصح أنه لم تستفد التثنية إلا من قولك : اثنين ...... وقد نقل الزركشي - رحمه الله - عن ابن الضائع أبي الحسن علي بن محمد الكتامي الإشبيلي النحوي أن المراد بالآية : (فإن كانتا اثنتين فصاعدا )، فعبر بالأدنى عنه وعما فوقه .

ﵟ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ۚ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ۚ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ ۚ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ ۚ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۗ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﵞ سورة النساء - 176


Icon