الوقفات التدبرية

قال تعالى في سورة النساء: ﴿إِنَّآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ كَمَآ...

قال تعالى في سورة النساء: ﴿إِنَّآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ كَمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ نُوحٖ وَٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَٰرُونَ وَسُلَيۡمَٰنَۚ وَءَاتَيۡنَا دَاوُۥدَ زَبُورٗا١٦٣ وَرُسُلٗا قَدۡ قَصَصۡنَٰهُمۡ عَلَيۡكَ مِن قَبۡلُ وَرُسُلٗا لَّمۡ نَقۡصُصۡهُمۡ عَلَيۡكَۚ وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِيمٗا﴾ [النساء: 163-164] سؤال: لماذا خصّ داود بقوله: ﴿وَءَاتَيۡنَا دَاوُۥدَ زَبُورٗا﴾؟ والجواب: إن أهل الكتاب سألوا سيدنا محمدًا أن ينُزل عليهم كتابًا من السماء، قال تعالى: ﴿يَسۡ‍َٔلُكَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيۡهِمۡ كِتَٰبٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِۚ فَقَدۡ سَأَلُواْ مُوسَىٰٓ أَكۡبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوٓاْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ [النساء: 153] فأجابهم رب العزة أن محمدًا أوتي مثلما أوتي رسل الله الذين تؤمنون بهم وتُقرون بنبوتهم، فقال: ﴿إِنَّآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ كَمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ نُوحٖ وَٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ﴾ ومن ذكرهم من الأنبياء الآخرين. وآتيناه كما آتينا داود زبورًا، وقد نزل الكتاب على داود منجمًا وكذلك نزل على محمد. فإن من ذكرهم من الأنبياء الذين سبق ذكرهم ذكر داود اشتركوا في الوحي، ولم يؤتهم كلهم كتبًا فإن قسمًا منهم لم ينزل عليهم كتبًا فاشترك معهم محمد في الوحي، وأوتي كتابًا كما أوتي داود الذي تؤمنون به، وأرسله كما أرسل رسلًا آخرين قصهم عليه وآخرين لم يقصصهم عليه. وقد تقول: ولِم قال: ﴿وَرُسُلٗا قَدۡ قَصَصۡنَٰهُمۡ عَلَيۡكَ مِن قَبۡلُ وَرُسُلٗا لَّمۡ نَقۡصُصۡهُمۡ عَلَيۡكَۚ﴾؟ والجواب: أن قسمًا ممن ذكرهم في صدر الأنبياء أنبياء وليسوا رسلًا مثل إسحاق ويعقوب، فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم مثلما أوتي أنبياء الله ورسله جميعًا. 1- فقد أوحى إليه كالنبيين. 2- وأوتي كما أوتي داود. 3- وأُرسل كما أُرسل رسل الله ممن قصهم عليه، ومن لم يقصصهم عليه. 4- ذكر سبحانه أن الله كلَّم موسى تكليمًا، وهذه خصوصية لموسى عليه السلام. وأوتي محمد ما هو أعظم من ذلك فإن موسى كلّمه الله على الطور، وأما محمد فقد عرج به إلى السنوات العلا إلى سدرة المنتهى عندها جنة المأوى. ثم إن موسى خرّ صعقًا. وأما محمد فقد قال ربه فيه: ﴿مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ﴾ [النجم: 17]، فأحرى بكم أن تؤمنوا به، وقد أوتي مثلما أوتي رُسل الله. جاء في ((روح المعاني)) في تحقيق المماثلة بين شأنه صلى الله عليه وسلم (( وبين شؤون من يعترفون بنبوته من الأنبياء عليه السلام في مطلق الإيحاء ثم في إيتاء الكتاب ، ثم في الإرسال، فإن قوله سبحانه: ﴿إِنَّآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ﴾ منتظم لمعنى ﴿آتيناك﴾ و﴿أرسلناك﴾ فكأنه قيل: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى فلان وفلان، وآتيناك مثلما آتينا فلانًا، وأرسلناك مثلما أرسلنا الرسل الذين قصصناهم وغيرهم، ولا تفاوت بينك وبينهم في حقيقة الإيحاء والإرسال، فما للكفرة يسألونك شيئَا لم يعطه أحد من هؤلاء الرسل عليهم الصلاة والسلام)). (أسئلة بيانية في القرآن الكريم - الجزء الأول – صـ 48: 50)

ﵟ ۞ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﵞ سورة النساء - 163


Icon