الوقفات التدبرية

قال تعالى في سورة هود في قصة عاد: ﴿وَأُتۡبِعُواْ فِي هَٰذِهِ...

قال تعالى في سورة هود في قصة عاد: ﴿وَأُتۡبِعُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا لَعۡنَةٗ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ﴾ (60). وقال في سورة هود أيضًا في قوم فرعون: ﴿ٱلۡمَوۡرُودُ٩٨ وَأُتۡبِعُواْ فِي هَٰذِهِۦ لَعۡنَةٗ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ بِئۡسَ ٱلرِّفۡدُ ٱلۡمَرۡفُود﴾ سؤال: لماذا قال في عاد: ﴿وَأُتۡبِعُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا لَعۡنَةٗ﴾ فذكر ﴿الدنيا﴾، وقال في قوم فرعون: ﴿وَأُتۡبِعُواْ فِي هَٰذِهِۦ لَعۡنَةٗ﴾ ولم يذكر الدنيا، مع أن المقصود بالإشارة هي الدنيا؟ الجواب: 1- إن قصة عاد في السورة أطول من قصة موسى وفرعون، فقصة عاد إحدى عشرة آية تبدأ من الآية الخمسين إلى الآية الستين، وأما قصة موسى فهي أربع آيات من الآية السادسة والتسعين إلى الآية التاسعة والتسعين. فناسب ذكر ﴿الدنيا﴾ مقام الإطالة والتبسط في قوم عاد، وناسب عدم ذكرها والاكتفاء بالإشارة إليها في مقام الإيجاز. 2- ذكر في قصة عاد أمورًا تتعلق بالدنيا منها أنه قال فيها: ﴿وَيَٰقَوۡمِ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِ يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا وَيَزِدۡكُمۡ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمۡ﴾، فقد ذكر في هذه الآية أمرين مهمين من أمور الدنيا: أحدهما: سعة الرزق، وبه تقوم الحياة، وهو قوله: ﴿يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا﴾ والآخر: زيادة القوة، وبه استمرار الحياة الكريمة، وهو قوله: ﴿وَيَزِدۡكُمۡ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمۡ﴾ ولم يذكر أمرًا يتعلق بالدنيا في قصة موسى. فناسب ذكر الدنيا والإشارة إليها في قصة عاد، وعدم ذكرها والاكتفاء بالإشارة إليها في قصة موسى من هذه الجهة أيضًا. 3- أشار إلى العذاب الذي أحاط بعاد ونجاة هود ومن آمن معه في الدنيا، فقال: ﴿وَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا نَجَّيۡنَا هُودٗا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَنَجَّيۡنَٰهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ﴾ ولم يُشر إلى عذاب أو عقوبة أحاطت بفرعون وملته في الدنيا، فناسب من جهة أخرى ذكر ﴿الدنيا﴾ والإشارة إليها في قصة عاد، والاكتفاء بالإشارة إليها في قصة موسى. 4- ذكر العذاب الذي سيصيب فرعون وقومه يوم القيامة، فقال: ﴿يَقۡدُمُ قَوۡمَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَأَوۡرَدَهُمُ ٱلنَّارَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡوِرۡدُ ٱلۡمَوۡرُود﴾، ولم يذكر شيئَا عن عذاب سيصيب عادًا يوم القيامة. فناسب من جهة أخرى ذكر الدنيا في قصة عاد، وعدم ذكرها والاكتفاء بالإشارة إليها في قصة فرعون. ويحسن أن نذكر من جهة أخرى أنه اختلف التعقيب بعد كل قصة بما يناسب المقام، فقد قال تعقيبًا على قصة عاد: ﴿وَأُتۡبِعُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا لَعۡنَةٗ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ﴾ ، وقال تعقيبًا على قصة فرعون: ﴿يَقۡدُمُ قَوۡمَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَأَوۡرَدَهُمُ ٱلنَّارَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡوِرۡدُ ٱلۡمَوۡرُودُ٩٨ وَأُتۡبِعُواْ فِي هَٰذِهِۦ لَعۡنَةٗ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ بِئۡسَ ٱلرِّفۡدُ ٱلۡمَرۡفُودُ﴾ (98، 99) فلم يزد على قوله: ﴿وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ﴾ في قصة عاد لأنه لم يذكر فيها أمرًا يتعلق بيوم القيامة. وقال في قصة فرعون بعد ذكر العذاب: ﴿بِئۡسَ ٱلۡوِرۡدُ ٱلۡمَوۡرُودُ﴾ ثم قال بعد قوله: ﴿وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ﴾: ﴿بِئۡسَ ٱلرِّفۡدُ ٱلۡمَرۡفُودُ﴾، فكان كل تعبير أنسب بالموضع الذي ورد فيه. (أسئلة بيانية في القرآن الكريم - الجزء الأول – صـ 90: 92)

ﵟ وَأُتْبِعُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ ۗ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ ﵞ سورة هود - 60

ﵟ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ ۖ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ﵞ سورة هود - 98

ﵟ وَأُتْبِعُوا فِي هَٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ﵞ سورة هود - 99


Icon