الوقفات التدبرية

– قال تعالى في سورة الأنبياء: ﴿وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَىٰ...

– قال تعالى في سورة الأنبياء: ﴿وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَىٰ وَهَٰرُونَ ٱلۡفُرۡقَانَ وَضِيَآءٗ وَذِكۡرٗا لِّلۡمُتَّقِينَ٤٨ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ وَهُم مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشۡفِقُونَ٤٩﴾ (48 -49). وقال في سورة المائدة: ﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَا ٱلتَّوۡرَىٰةَ فِيهَا هُدٗى وَنُورٞۚ يَحۡكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسۡلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلرَّبَّٰنِيُّونَ وَٱلۡأَحۡبَارُ بِمَا ٱسۡتُحۡفِظُواْ مِن كِتَٰبِ ٱللَّهِ﴾ (44). وقال في سورة الأنعام: ﴿قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ﴾ [الأنعام: 91]. سؤال: لماذا وصف التوراة بأنها ﴿ضياء﴾ في آية الأنبياء، ووصفها بأنها ﴿نور﴾ في آيتي المائدة والأنعام؟ الجواب: إن النور أعمّ من الضياء، والضياء حاله من حالات النور وهو أخصّ منه كما ذكرنا في النقطة السابقة. وقد ذُكر في آية الأنبياء أنه: ﴿لِّلۡمُتَّقِينَ٤٨ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ وَهُم مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشۡفِقُونَ٤٩﴾، وهم أخصّ ممن ذُكر في الآيتين الأخريين. فقد قال في آية المائدة: ﴿يَحۡكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسۡلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ﴾ أي: لليهود، والمتقون أخص من اليهود وهم جزء منهم. وقال في آية الأنعام: ﴿ٱلۡكِتَٰبَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِۦ مُوسَىٰ نُورٗا وَهُدٗى لِّلنَّاسِۖ﴾ (الأنعام :91). فجعله للناس، وهم أعم من المتقين المذكورين في آية الأنبياء، والمتقون جزء منهم. فجعل النور الذي هو أعم من الضياء للذين هم أعم وهم اليهود والناس، وجعل الضياء الذي هو أخصّ للذين هم أخصّ وهم المتقون الذين يخشون ربهم وهم من الساعة مشفقون فناسب العموم العموم، والخصوص الخصوص. ومن ناحية أخرى أن الضياء، إنما هو الساطع من النور أو هو التام منه. وإن المتقين إنما هم جماعة ساطعة من بين عموم المؤمنين أو الناس، وحالهم أتم وأكمل، فناسب بين سطوع المتقين وسطوع النور وهو الضياء، فالمتقون من بين عموم المؤمنين كالضياء من النور. جاء في (الكشاف) في قوله تعالى: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ١٧﴾ [البقرة: 17]. (النار جوهر لطيف مضيء حار محرق، والنور ضوؤها وضوء كل نيّر وهو نقيض الظلمة ... والإضاءة فرط الإنارة، ومصداق ذلك قوله: ﴿هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمۡسَ ضِيَآءٗ وَٱلۡقَمَرَ نُورٗا﴾ ... فإن قلت: هلا قيل (ذهب الله بضوئهم) لقوله ﴿فَلَمَّا أَضَاءَتْ﴾؟ قلت: ذكر النور أبلغ لأن الضوء فيه دلالة على الزيادة فلو قيل: (ذهب الله بضوئهم) لأوهم الذهاب بالزيادة وبقاء ما يسمى نوراً، والغرض إزالة النور عنهم رأساً وطمسه أصلاً. ألا ترى كيف ذكر عقيبه: ﴿وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ﴾، والظلمة عبارة عن عدم النور وانطماسه، وكيف جمعها وكيف نكّرها وكيف أتبعها ما يدل على أنها ظلمة مبهمة لا يتراءى فيها شبحان، وهو قوله ﴿لاَّ يُبْصِرُونَ﴾. (أسئلة بيانية في القرآن الكريم - الجزء الأول – صـ 133، 134)

ﵟ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ ﵞ سورة الأنبياء - 48

ﵟ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ﵞ سورة الأنبياء - 49

ﵟ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ۗ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَىٰ نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ ۖ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا ۖ وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ﵞ سورة الأنعام - 91

ﵟ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﵞ سورة المائدة - 44


Icon