الوقفات التدبرية

قال تعالى في سورة الأحزاب: ﴿وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ...

قال تعالى في سورة الأحزاب: ﴿وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا٢٦ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا٢٧﴾ [الأحزاب: 26-27]. سؤال: لماذا قدّم الفريق في قوله: ﴿فَرِيقٗا تَقۡتُلُونَ﴾ وأخرّه في قوله: ﴿وَتَأۡسِرُونَ فَرِيقٗا﴾؟ الجواب: أما تقديم الفريق على ﴿تَقۡتُلُونَ﴾ فإنه هو المناسب، ذلك أن هذه من أندر حالات القتل وأغربها، وأنها تستدعي التقديم للاهتمام، وذلك أن المرء يقاتل إما دفاعاً عن نفسه، أو عن أهله وذريته، أو عن ماله، أو عن داره، أو عن أرضه. إذ إن كل واحد من هذه الأمور يستوجب الدفاع عنه والقتال دونه، فكيف إذا اجتمعت كلها؟ وهؤلاء لم يقاتلوا مع موجب أحوال الدفاع كلها مع أنهم بأيديهم سلاحهم، وقد كانوا في حصونهم، بل نزلوا مستسلمين للقتل ملقين سلاحهم، ولم يدافعوا عن شيء من كل ذلك، وقد كانوا ستمائة مقاتل. وهذا يُبين مقدار الرعب الذي قُذف في قلوبهم. فتخيل أن رجلاً يُنادي على رجل في حصنه معه سلاحه، فيقول له: انزل إليّ وألق سلاحك فأنا سأقتلك وأسبي أهلك وذريتك وآخذ دارك ومالك وأرضك، أفترى أنه فاعل ذلك وهو مقتول لا محاله؟ فهذا هو حال هؤلاء من بني قريظة. فاقتضي ذلك تقديم هذا الفريق لغرابة حاله. أما الفريق المأسور فلا يستدعي تقديمه وهي حالة غير مٌستغربة، ولا تستدعي الاهتمام فإنهم أطفال ونساء وليس فيهم مقاتل. فلا شك أن أسرهم سهل وميسور فلا يقتضي التقديم. (أسئلة بيانية في القرآن الكريم - الجزء الأول – صـ 147، 148)

ﵟ وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا ﵞ سورة الأحزاب - 26


Icon