الوقفات التدبرية

قال تعالى في سورة الطور: ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ٧ مَا...

قال تعالى في سورة الطور: ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ٧ مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ٨﴾ [الطور: 7-8] وقال في سورة المعارج: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ١ لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ٢﴾ [المعارج: 1-2]. سؤال: لماذا قال في سورة الطور: ﴿مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ﴾ فنفى ب﴿ما﴾، وقال في سورة المعارج: ﴿لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ﴾ فنفى ب﴿ليس﴾؟ الجواب: إن الآية في سورة الطور مسبوقة بقسم، وهو قوله: ﴿وَالطُّورِ١ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ٢ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ٣ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ٤ وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ٥ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ٦ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ٧ مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ٨﴾ [الطور: 1-8]. وقد تلقى القسم بالجملة الأسمية المؤكدة ب﴿إنّ﴾ واللام فقال: ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ﴾، ونفى دفعه بالجملة الاسمية المؤكدة أيضاً مناسبة لجواب القسم المؤكد فقال: ﴿مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ﴾، فنفاها ب﴿ما﴾ وجاء ب﴿من﴾ الاستغراقية المؤكدة. أما في سورة المعارج فليس ثمة قسم وإنما قال: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾ أي دعا لنفسه بالعذاب وطلبه لها، ونفى دفعه بالجملة الفعلية فقال: ﴿لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ﴾، فقوله: ﴿مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ﴾ أنسب بالقسم، وأنسب بالجملة التي قبلها. وقد أكد وقوع العذاب في آية الطور دون آية المعارج؛ لأن السياق في الطور يدل على وقوعه فعلاً، وليس الأمر كذلك في المعارج، فقد قال في المعارج: ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا٥ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا٦ وَنَرَاهُ قَرِيبًا٧﴾ [المعارج: 5-7]. فأمره بالصبر الجميل، ثم قال: ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا﴾، وذلك يدل على أن في الزمن متسعاً بينهم وبينه، ولم يقل مثل ذلك في الطور. ثم إنه في المعارج ذكر موقف المجرم من العذاب الذي يستحقه يومئذ، وهو من الوعيد الذي توعده به ربه، وليس واقعاً بعد، فقال: ﴿يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ١١ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ١٢ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ١٣ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ١٤ كَلَّا إِنَّهَا لَظَى١٥ نَزَّاعَةً لِلشَّوَى١٦ تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى١٧ وَجَمَعَ فَأَوْعَى١٨﴾ [المعارج: 11-18]. وأما في الطور فالسياق يبيّن أن الأمر حاصل وأنهم يشاهدون النار موقوفين عليها مخاطبين بقوله: ﴿هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ١٤ أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ١٥ اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ١٦﴾ [الطور: 14-16]، فوقوع العذاب وعدم دفعه في الطور آكد وهو أقرب مما في المعارج، فأكده جون آية المعارج، فناسب كل تعبير موضعه. (أسئلة بيانية في القرآن الكريم - الجزء الأول – صـ 180، 181)

ﵟ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ ﵞ سورة الطور - 7

ﵟ مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ ﵞ سورة الطور - 8

ﵟ سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ﵞ سورة المعارج - 1

ﵟ لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ﵞ سورة المعارج - 2


Icon