الوقفات التدبرية

سؤال: قوله تعالى في سورة القمر: ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي...

سؤال: قوله تعالى في سورة القمر: ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ١٦﴾ [القمر: 16 – 18 – 21- 30] يأتي به مرة واحدة بعد ذكر العذاب كما في قصة نوح، ومرة يأتي به قبل ذكر العذاب كما في ثمود، ومرة يأتي به مرتين: قبل ذكر العذاب وبعد ذكر العذاب كما في عاد، فما السبب؟ الجواب: يأتي قوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ في حالتين: الحالة الأولى: أن يذكر القوم ومخالفتهم رسولهم، فيقول: ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ أي: فكيف عاقبناهم؟ فيكون السؤال بقصد العذاب، ثم يذكر عذابهم. والحالة الأخرى: أن يذكر القوم ويذكر مخالفتهم رسولهم، ثم يذكر عقابهم فيقول: ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ أليس ذلك ما يستحقونه؟ فيكون القصد من ذلك هو التعجيب والتهويل من عقوبة ربنا لهم، وسوء عاقبتهم، جاء في ((روح المعاني)): ((﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾: لتوجيه قلوب السامعين نحو الإصغاء إلى ما لا يلقى إليهم قبل ذكره، لا لتهويله، وتعظيمه، وتعجيبهم من حاله بعد بيانه كما قبله، كأنه قال: كذبت عاد فهل سمعتم أو فاسمعوا كيف كان عذابي وإنذاري لهم)). أما الجواب عن سبب مجيئه مرة واحدة في قوم نوح، ومرة واحدة في ثمود، ومرتين في عاد فذلك –والله أعلم-: أن تكذيب عاد أعمّ من تكذيب قوم نوح وثمود، فقد قال في قوم نوح: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ٩﴾ [القمر: 9]. فذكر أنهم كذبوا عبد الله أي رسوله، وهو نوح عليه السلام. وقال في ثمود: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ٢٣ فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ٢٤﴾ [القمر: 23-24] وما بعدهما، فذكر أنهم كذبوا بالنذر. وأما عاد فلم يذكر بماذا كذبوا، ولا مَن كذبوا، وإنما قال: ﴿كَذَّبَتۡ عَادٞ فَكَيۡفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ١٨﴾. فكان تكذيبهم أعم، فذكر قوله: ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ مرتين، مرة قبل العذاب، ومرة بعد العذاب ليجمع حالتي البيان والتهويل فعمّ ذلك الحالتين، وهذا أعم من أن يذكر حالة واحدة فناسب العمومُ العمومَ، والله أعلم. (أسئلة بيانية في القرآن الكريم - الجزء الأول – صـ 182، 183)

ﵟ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﵞ سورة القمر - 16


Icon