الوقفات التدبرية

قال تعالي في آل عمران : { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن...

قال تعالي في آل عمران : ﴿ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [ آل عمران : 11 ] . وقال في الأنفال : ﴿ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [ الأنفال : 52 ] . سؤال : لماذا أكد وزاد في خاتمة آية الأنفال علي ما ذكره في آية آل عمران , فقال في آية آل عمران : ﴿ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ . وقال في آية الأنفال : ﴿ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ , فأكد بـ ﴿ إن ﴾ وذكر وصفه بالقوي , وهو ما لم يذكره في آية آل عمران ؟ الجواب : قال ربنا في آية آل عمران : ﴿ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا ﴾ . وقال في آية الأنفال ﴿ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ ﴾ . والكفر أعم من التكذيب , فإن التكذيب حالة من حالات الكفر , فلما ذكر الكفر ذكر من العقوبة ما هو أشد وآكد , فقال في آل عمران : ﴿ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ , وقال في الأنفال : ﴿ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ . ثم إن السياق في الأنفال أشد في ذكر العقوبات , فقد قال قبل آية آل عمران : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئاً وَأُولَـئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ ﴾ . وقال قبل آية الأنفال : ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ . فذكر عقوبتهم في النزع وما بعد ذلك , ولم يذكر ذلك في آل عمران . وقال بعدها : ﴿ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ ﴾ . فذكر التكذيب كما في آل عمران فذكر الكفر والتكذيب . فكان السياق في الأنفال أشد , فلما زاد الكفر علي التكذيب في السياق , ناسب ذلك التأكيد . ثم إنه قبل آية الأنفال ذكر نصر المسلمين في بدر علي قلتهم , ( الآيات : 41 – 49 ) , والنصر محتاج إلي القوة فناسب ذكر القوة مع العقاب , فقال : ﴿ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ . بخلاف السياق في آية آل عمران , فإنه قبل هذه الآيات وبعدها في أمور أخري . فقد قال قبلها : ﴿ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ﴾ . وقال بعدها : ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ﴾ . فناسب ذكر القوة والعقوبات الشديدة وتوكيدها سياق آيات الأنفال . وناسب ما ذكر في آية آل عمران السياق الذي وردت فيه . والله أعلم (أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني ص : 26)

ﵟ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﵞ سورة آل عمران - 11

ﵟ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ ۙ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﵞ سورة الأنفال - 52


Icon