الوقفات التدبرية

قال تعالي في آل عمران : { وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ...

قال تعالي في آل عمران : { وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ [157] وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ [158] } [ آل عمران : 157 – 158 ] . وقال في سورة ﴿ المؤمنون ﴾ : ﴿ أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ ﴾ [ المؤمنون : 35 ] . سؤال : لماذا قال في آيتي آل عمران : ﴿ متم ﴾ بضم الميم . وقال في سورة ﴿ المؤمنون ﴾ : ﴿ متم ﴾ بكسر الميم ؟ الجواب : لا إشكال من الناحية اللغوية في ذلك . فإن ﴿ مات ﴾ فيها لغتان : ( مات يمات موتا ) مثل : ( خاف يخاف خوفا ) و ( نام ينام نوما ) . واللغة الأخري ( مات يموت ) مثل ( قال يقول ) . فعلي لغة ( مات يمات ) يقال : ( مت ومتنا ) بكسر الميم مثل : ( خفت وخفنا ) . وعلي لغة ( مات يموت ) يقال : ( مت ومتنا ) بضم الميم . والوجهان جائزان . أما من الناحية البيانية , فمن المعلوم أن الضمة اثقل من الكسرة , وحالة الموت المذكورة في آل عمران أثقل وأشد مما في ﴿ المؤمنون ﴾ ,وإن السياق أصعب وأشق , فإن الكلام علي ما حصل لهم في أحد , وما أصابهم من قتل ( الآيات : 152 – 155 ) . ثم ذكر الموت في الغزوات , أو الضرب في الأرض , وذلك يعني : الموت في الغربة , فقال : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [ آل عمران : 156 ] . ثم قال : ﴿ وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ (157)﴾ الآية , بمعني : الموت في سبيل الله ؛ أي : في الجهاد . وليس السياق كذلك في سورة ﴿ المؤمنون ﴾ , وإنما هو في الحوار بين رسول من رسل الله وكفار قومه , فقد قالوا فيه : { مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ [33] وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ [34] أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ [35] هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ [36] } [ المؤمنون : 33 – 36 ] . ولا شك أن الموت في الغزوات أو في الغربة أثقل وأشد من الموت علي الفراش . فجاء فيما هو أثقل وأشد بما هو أثقل , وهو الضمة , ولما هو أخف بما هو أخف , وهو الكسرة . ويدلك علي ذلك أنه حيث قال : ﴿ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً ﴾ ونحوها , جاء بالكسرة نظير قوله : ﴿ أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً ﴾ . (أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني ص : 30)

ﵟ وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﵞ سورة آل عمران - 157

ﵟ وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ ﵞ سورة آل عمران - 158

ﵟ أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ ﵞ سورة المؤمنون - 35


Icon