الوقفات التدبرية

قال تعالي في سورة المائدة : { أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ...

قال تعالي في سورة المائدة : ﴿ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ﴾ [ المائدة : 1 ] . وقال في سورة الحج : ﴿ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ﴾ [ الحج : 30 ] . سؤال لماذا قال في المائدة : ﴿ بهيمة الأنعام ﴾ بذكر البهيمة , وقال في ﴿ الحج ﴾ : ﴿ الأنعام ﴾ من دون ذكر البهيمة ؟ الجواب : البهيمة اسم لكل ذي أربع من دواب البر والبحر . وإضافتها إلي الأنعام للبيان , وهي من إضافة العام إلي الخاص , كيوم الخميس , وعلم الفقه , وشجر الأراك , ومدينة بغداد . فالبهيمة عام , وقد خصصت , وبينت بإضافتها إلي الأنعام . لقد وردت ﴿ بهيمة الأنعام ﴾ في ثلاث مواضع من القرآن الكريم , وكلها في سياق المناسك والإحرام والحج . قال تعالي في سورة المائدة : { أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ [1] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [ المائدة : 1 – 2 ] . ووردت في سورة الحج في سياق الحج , قال تعالي: { وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [27] لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [28]} [ الحج : 27 – 28 ] . وقال في السياق نفسه : ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [ الحج : 34 ] . أما ﴿ الأنعام ﴾ فقد ذكرت في سياقات متعددة مختلفة , كالأكل , وشرب ألبانها , و الحمل عليها , والانتفاع بجلودها , والتشبيه بها , وغير ذلك . قال تعالي : { إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ } [ يونس : 24 ] . وقال : { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ آذَانَ الأَنْعَامِ } [ النساء : 119 ] . وفال : ﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ [ الفرقان : 44 ] . وقال : ﴿ وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ ﴾ [ الزخرف : 12 ] . وقال : ﴿ وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ [ النحل : 5 ] . وقال : ﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ ﴾ [ النحل : 66 ] . وغير ذلك وغيره . فلما كانت الإضافة للتخصيص في قوله : ﴿ بهيمة الأنعام ﴾ أي : من إضافة العام إلي الخاص , استعملها فيما هو أخص , وهو المناسك والحج . فخصص بالإضافة في مقام التخصيص والتبيين , وعمم في مقام العموم . (أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني ص : 36)

ﵟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ۚ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ۗ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ﵞ سورة المائدة - 1

ﵟ ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ۗ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ ۖ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ﵞ سورة الحج - 30


Icon