الوقفات التدبرية

قال تعالي في سورة الأنعام : { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ...

قال تعالي في سورة الأنعام : { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ } [ الأنعام : 130 ] . وقال في الزمر : { وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ } [ الزمر : 71 ] . سؤال : لماذا قال في آية الأنعام : ﴿ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي ﴾ وقال في الزمر : ﴿ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ ﴾ ؟ الجواب : ذكرنا هذا السؤال في الجزء الأول من كتاب ( أسئلة بيانية ) , وقد أجبنا عنه , وقد أثير الآن مرة أخري , وسنجيب عنه من جانب ىخر , غير ما ذكرناه في الجزء الأول , فنقول : إن القصة معناها الخبر , وقص عليه خبره , أي : أورده , قال تعالي : ﴿ فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ ﴾ [ القصص : 25 ] . ومعني ﴿ تلا ﴾ قرأ , وتلوت القرآن قرأته . فالتلاوة تكون لنص يقرأ , سواء كان من كتاب , أم كان عن حفظ . ومعني ﴿ يقصون ﴾ : يوردون عليكم الأخبار , وهذه الأخبار قد تكون من كتب أو نصوص , أو إخبارا من دون صحف . فقوله ﴿ يقصون ﴾ أعم ؛ لأنه يشمل كل ما يخبر , سواء كان من صحف , أم من دون صحف , وسواء كان تلاوة أم لا . إن قوله : ﴿ يقصون ﴾ يشمل جميع الرسل من أنزلت عليهم الكتب , ومن لم تنزل عليهم . وأما قوله : ﴿ يتلون ﴾ فهو أخص ؛ لأنه يخص من أنزلت عليه صحف فيتلوها . فلما ذكر معشر الجن والإنس في الأنعام , وهو أعم جمع , ناسب ذلك قوله : ﴿ يقصون ﴾ ؛ لأنه أعم . وقد قال قبل هذه الآية : ﴿ وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ﴾ [ الأنعام : 128 ] أي : الإنس والجن . وقال بعد هذه الآية : ﴿ ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ ﴾ [ الأنعام : 131 ] فذكر عموم القري المهلكة , مما يدل علي أنه يشمل جميع الرسل : من أنزلت عليه صحف أو كتب , ومن لم تنزل . وأما في الزمر , فإنها أخص ؛ لأنه يقال ذلك للزمرة , كما قال تعالي : ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا ﴾ أي : لكل زمرة . فناسب ذكر ما هو أخص وهو التلاوة . (أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني ص : 50)

ﵟ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنْفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﵞ سورة الأنعام - 130

ﵟ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﵞ سورة الزمر - 71


Icon