سؤال : قال تعالي في سورة يوسف : ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ [ يوسف : 109 ] .
ونحو ذلك قال في آيات عدة من القرآن الكريم , كما في [ غافر : 82 ] , و [ محمد : 10 ] , وغيرها بإضافة ﴿ قبل ﴾ إلي الضمير ﴿ من قبلهم ﴾ .
غير أنه قال تعالي في سورة الروم : ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ ﴾ [ الروم : 42 ] .
فلم يضف ﴿ قبل ﴾ , وإنما قطعها عن الإضافة , فما السبب ؟
الجواب : إن قوله : ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ ونحوه إنما هو تقرير لهم بأمر قد فعلوه , فهم قد ساروا ونظروا , وذلك في أسفارهم في طرقهم المعهودة , فقررهم بذلك . فقولك : ( ألم أقل لك كذا وكذا ؟ ) يعني أنك قد قلت له .
أما قوله : ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ ﴾ فإنه أمر لهم بالسير والنظر علي العموم , وليس فيما اعتادوا عليه في أسفارهم فحسب . وهذا أوسع وأعم مما عهدوه وساروا فيه ونظروا , ولذا حذف المضاف إليه ؛ للتعميم , فقال : ﴿ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ .فالسير أعم , والنظر أعم , والزمن أعم . والله أعلم .
(أسئلة بيانية في القرآن الكريم
الجزء الثاني
ص : 69)
ﵟ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ ۗ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۗ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﵞ سورة يوسف - 109
ﵟ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﵞ سورة غافر - 82
ﵟ ۞ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۖ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا ﵞ سورة محمد - 10