الوقفات التدبرية

قال تعالي في سورة الملك : { أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ...

قال تعالي في سورة الملك : ﴿ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ ﴾ [ الملك : 20 ] . وقال في سورة الكهف : ﴿ وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً ﴾ [ الكهف : 43 ] . وقال في سورة القصص : ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ ﴾ [ القصص : 81 ] . سؤال : لماذا قال في سورة الملك : ﴿ مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ ﴾ , وقال في آيتي الكهف والقصص : ﴿ مِن دُونِ اللَّهِ ﴾ ؟ الجواب : إن السياق في سورة الملك إنما هو في ذكر النعم التي أنعم الله بها علي الناس . قال تعالي : ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [ الملك : 15 ] . وقال : ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ ﴾ [ الملك : 19 ] . وقال : ﴿ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ ﴾ [ الملك : 20] وقال : ﴿ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ ﴾ [ الملك : 21 ] وقال : { قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ [23] قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } [ الملك : 23 – 24 ] .فكان ذكر الرحمن هو المناسب , فإن ذلك من مظاهر رحمته سبحانه . أما السياق في سورتي الكهف والقصص , فهو في العقوبات . أما في الكهف فإن السياق في محاورة بين كافر ومؤمن , قال تعالي : ﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً ﴾ [ الكهف : 32 ] . إلي أن قال : { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً [35] وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً } [ الكهف : 35 – 36 ] . إلي أن قال : { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً [42] وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً } [ الكهف : 42 – 43 ] . وكذلك السياق في القصص , فإنه في سياق الخسف بقارون وبداره , قال تعالي : ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ ﴾ [ القصص : 81 ] . فالسياق في الموضعين إنما هو في العقوبات لا في النعم والرحمة , فناسب كل تعبير موضعه . أما الاختلاف بين ما ورد في سورتي الكهف والقصص فقد ذكرناه في كتابنا ( من أسرار البيان القرآني ) في باب التشابه والاختلاف , فلا نعيد القول فيه . أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني ص : 106

ﵟ أَمَّنْ هَٰذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَٰنِ ۚ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ﵞ سورة الملك - 20

ﵟ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا ﵞ سورة الكهف - 43

ﵟ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ﵞ سورة القصص - 81


Icon