الوقفات التدبرية

قا تعالي في سورة الحاقة : { كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ...

قا تعالي في سورة الحاقة : { كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ [4] فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ [5] وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } [ الحاقة : 4 – 6 ] . سؤال : لماذا قدم ثمود علي عاد مع أن عادا أسبق من ثمود ؟ الجواب : إن التقديم والتأخير قد يكونان بصورة متعددة فقد يكون التقديم من القريب إلي البعيد أو من البعيد إلي القريب , وقد يكون من القليل إلي الكثير أو من الكثير إلي القليل وغير ذلك . وهاهنا بدا بالأقرب إليهم وهو ثمود , فإنه أقرب إليهم من عاد .وهذا هو السمت الظاهر في هذه السورة , فإنه يبدأ بالاقرب إليهم , فقد قال : ﴿ وَجَاء فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ ﴾ [ الحاقة : 9 ] فذكر فرعون , وذكر من قبله , وذكر المؤتفكات وهي مدائن لوط وهي الاقدم , فبدأ بالأقرب . وقال : ﴿ إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ﴾ [ الحاقة : 11 ] والكلام علي نوح وهو أقدم من كل المذكورين . ثم قال : { فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ [13] وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً [14] فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ [15] وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ } [ الحاقة : 13- 16 ] . فبدأ بالأقرب إليهم وهي الأرض , ثم السماء , فذكر حمل الأرض والجبال أولا , ثم ذكر بعدها انشقاق السماء . في حين يبدأ بالسماء ثم الأرض في مواطن أخري . قال تعالي : { إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ [1] وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ [2] وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ [3] وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ [4]} [ الانشقاق : 1 - 4 ] . فبدأ بالسماء , ثم ذكر الأرض بعدها . وقال : { إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ [1] وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ [2] وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ [3] وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ [4]} [ الانفطار : 1 – 4 ] . فبدأ بالسماء ثم ذكر ما في الأرض . وقال : { إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [1] وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ [2] وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ [3]} [ التكوير : 1 – 3 ] . فبدأ بما في السماء , ثم ذكر ما في الأرض . علي غير ما ورد في سورة الحاقة , وحتي إنه قال في الحاقة : { فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ [38] وَمَا لَا تُبْصِرُونَ [39]} [ الحاقة : 38 – 39 ] فبدأ بما يبصر وهو الأقرب إليهم , ثم ما لا يبصر مما كان بعيدا , أو له حالة أخري لا تبصرها العيون . فهذا التقديم والتأخير هو السمت العام لهذه السورة . (أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني ص : 108)

ﵟ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ ﵞ سورة الحاقة - 4


Icon