الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية *في سورة سبأ (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا...

برنامج لمسات بيانية *في سورة سبأ (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)) لماذا ورد فعل اعملوا مع أن الأقرب إلى العقل أن يقول اشكروا آل داوود شكراً باعتبار الشكر مصدر؟ ولماذا ورد الفعل اعملوا ولم يقل افعلوا؟(د.فاضل السامرائى) لو قال اشكروا لصار شكراً مفعول مطلق لكن ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾ ما معناها وما إعرابها؟ إعملوا شكراً احتمال مفعول به وليس مفعول مطلق إعملوا الشكر وهو إشارة أن الشكر يُعمَل عمل وليس لساناً فقط إعملوا الشكر مثل اعملوا طاعة الشكر أيضاً عمل أنت إذا لم تعمل بما أعطاك الله من النعم فلست بشاكر ولو بقيت تقول بلسانك الشك لله طول الوقت يعني إذا كان عندك مال ولم تؤدي حقه فلست بشاكر إذن شكر النعمة تأدية حقها وتقول باللسان والعمل فإذن الشكر عمل عندما تعمل شيء في مالك تفيد الآخرين هذا عمل هذا من الشكر هذا الأمر الأول لو قال اشكروا شكراً ليس له هذه الدلالة. الآن قال اعملوا شكراً إشارة أن الشكر هو ليس فقط كلاماً وإنما عمل أيضاً. ويحتمل أن يكون شكراً مفعول لأجله، اعملوا لأجل الشكر أنتم أعطاكم نِعَم فاعملوا لتشكروه اللام لام التعليل، إذن صار مفعولاً لأجله. إذن يمكن أن يكون مفعول به أو مفعول لأجله وقد يكون مفعول مطلق أو حال إعملوا شاكرين المصدر بمعنى الحال مثل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً (15) الأنفال) زحفاً حال. إذن اعملوا شكراً فيها جملة معاني وهي مقصودة ومرادة لو قال اشكروا شكراً لكان معنى واحد تحديداً بينما هنا المفعول به والمفعول لأجله والمفعول المطلق والحال أيُّ الأشمل؟ اعملوا أشمل اتسعت دائرة الدلالة. وأيضاً قال اعملوا وليس افعلوا لأن العمل بقصد ولو قال افعلوا آل داوود شكراً ليس بالضرورة أن يكون بقصد (إنما الأعمال بالنيات) الله تعالى حكمه عام كيف يشاء لا أحد يحاسبه. فى إجابة أخرى للدكتور فاضل: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾ الشكر ليس لساناً فقط وإنما هو عمل ولذلك أعربها قسم مفعول به اعملوا الشكر، مثلاً لو أعطاك الله مالاً فشكره ليس أن تقول الحمد لله فقط وإنما أن تؤدي حقّه فإن لم تؤدي حقه فأنت لست بشاكر ولو بقيت تشكر ربك كلاماً طوال عمرك يعني شكر النعم القيام بحقها فالشكر عمل مع القول وليس قولاً فقط. اعملوا الشكر ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾. وقسم يجعل شكراً حال أي اعملوا كونكم شاكرين وقسم يجعلها مفعول لأجله وهي ليس كما قيل شاكروا آل داوود شكراً وإنما هذا واحد من المعاني وإنما الشكر هو عمل أن تؤدي الحقوق التي عليك فيما آتاك الله من النعم، أن تقوم به عملاً. أعطاك الله جاهاً فتنفع الناس بجاهك في الخير، أعطاك الله علماً وكتمته أنت آثم حتى لو قلت الحمد لله على ما أعطاني من النعمة، إذا كنت كاتماً للعلم فأنت لست بشاكر. ﴿وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ الشكور مبالغة فالذي يشكر ربه دائماً لأن هذا متعلق بالأعمال ومتعلق باللسان. *ما هو الفرق بين الحمد والشكر في القرآن الكريم؟ (د.فاضل السامرائى) الحمد أعمّ من الشكر. الشكر يكون لمن أوصل إليك نعمة تحديداً، يكون له مقابل، الشكر يكون على النعمة، أنت لا تشكر الإنسان على صفته، لا تشكره على شجاعته، لا تشكره على علمه إنما تشكره على نعمة. الحمد عامة سواء أسدى إليك نعمة أم لم يسدي إليك نعمة، هذا الحمد على صفاته الذاتية الخلقية الخُلٌقية، الحمد عامة إنما الشكر مقابل النعمة. * (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا (13) سبأ) كيف يعملون شكراً؟ من حيث اللغة قسم يعرب ﴿شكراً﴾ بمعنى شاكرين، إعملوا شاكرين، على الحال، هي تصح من حيث النظر مثل أقبل ركضاً. قسم يذهب إلى أنها حال وقسم يذهب أنها مفعول لأجله، لأجل الشكر. إعملوا آل داوود لأجل الشكر، وقسم يذهب أنها مفعول به لأن الشكر ليس فقط باللسان وإنما الشكر قد يكون بالعمل إعملوا الشكر. الإنسان لو آتاه الله مالاً ولم يخرج حق الله لو قال ألف مرة شكراً لم يكن شاكراً حتى يؤدي حقه، ما المطلوب منه شرعاً ؟ ينفذه ثم يقرنه باللسان لكن إن لم يؤدي حق الله فليس بشاكر ولو قال ألف مرة الشكر لله. * ولهذا قال سبحانه وتعالى في نهاية الآية ﴿وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾؟ ولذلك إعملوا شكراً يعني الشكر يُعمل وليس فقط قول وإنما هو عمل. *ما الفرق بين استعمال كلمة ﴿شكورا﴾ و ﴿شكرا﴾؟(د.فاضل السامرائى) الشكور تحتمل الجمع والإفراد في اللغة وهي تعني تعدد الشكر والشكر في اللغة يُجمع على الشكور ويحتمل أن يكون مفرداً مثل القعود والجلوس، وفى آية الإنسان الجمع يدل على الكثرة أي لا نريد الشكر وإن تعدد وتكرر الإطعام باعتبار الجمع. وقد استعمل القرآن الكريم كلمة الشكور في الحالتين وإذا اردنا الشكور مصدراً فهو أبلغ من الشكر واستعمال المصادر في القرآن عجيب والذي يُقوي هذه الوجهة استعمال الشكور لما هو أكثر من الشكر. ولقد استعملت كلمة الشكور في القرآن مرتين في هذه الآية فى سورة الإنسان (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً {9}) وفي آية سورة الفرقان (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً {62}) فقط واستعمل الشكر مرة واحدة في قصة آل داوود (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ {13}سبأ) ومن ملاحظة الآيات التي وردت فيها كلمتي الشكور والشكر نرى أن استعمال الشكر جاء في الآية التي خاطب بها تعالى آل داوود وهو قلّة بالنسبة لعموم المؤمنين المخاطبين في سورة الفرقان أو في سورة الإنسان التي فيها الإطعلم مستمر إلى يوم القيامة والشكر أيضاً سيمتد إلى يوم القيامة ما دام هناك مطعِمين ومطعَمين. إذن هو متعلقات الشكر في هاتين الآيتين أكثر من متعلقات الشكر في قصة آل داوود. وفي سورة الفرقان قال تعالى ﴿لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكورا﴾ وكلمة ﴿يذّكّر﴾ فيها تضعيفين فالذي يبالغ في التذكر هو مبالغ في الشكر فيبدو والله أعلم أن استعمال الشكور أبلغ من استعمال الشكر في آية سورة الإنسان.

ﵟ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﵞ سورة سبأ - 13


Icon