الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية قال تعالى في آل عمران على لسان زكريا عليه...

برنامج لمسات بيانية قال تعالى في آل عمران على لسان زكريا عليه السلام حين بشرته الملائكة بيحيي: ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَٰمٞ وَقَدۡ بَلَغَنِيَ ٱلۡكِبَرُ وَٱمۡرَأَتِي عَاقِرٞۖ قَالَ كَذَٰلِكَ ٱللَّهُ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ٤٠﴾ [آل عمران: 40]. وقال على لسان مريم حين بشرتها الملائكة بالمسيح: ﴿قَالَتۡ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٞ وَلَمۡ يَمۡسَسۡنِي بَشَرٞۖ قَالَ كَذَٰلِكِ ٱللَّهُ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ إِذَا قَضَىٰٓ أَمۡرٗا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ٤٧﴾ [آل عمران: 47]. سؤال: 1- لماذا قال زكريا: ﴿أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَٰمٞ﴾. وقالت مريم: ﴿أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٞ﴾. فذكر زكريا الغلام، وذكرت مريم الولد؟ 2- لماذا قال الله مخاطبًا زكريا: ﴿كَذَٰلِكَ ٱللَّهُ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ﴾ وقال مخاطبًا مريم: ﴿كَذَٰلِكِ ٱللَّهُ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ﴾ فاستعمل (الفعل) مع زكريا، و﴿الخلق﴾ مع مريم؟ الجواب: 1- أما بالنسبة إلى استعمال الغلام مع زكريا فهو المناسب؛ لأن الله بشره بيحيى، قال تعالى: ﴿فَنَادَتۡهُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَهُوَ قَآئِمٞ يُصَلِّي فِي ٱلۡمِحۡرَابِ أَنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحۡيَىٰ مُصَدِّقَۢا بِكَلِمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ﴾ (39)، ويحيى غلام. أما بالنسبة إلى استعمال الولد مع مريم فهو المناسب أيضًا ذلك أن الله بشرها بكلمة منه اسمه المسيح، قال تعالى:﴿إِذۡ قَالَتِ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ يَٰمَرۡيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٖ مِّنۡهُ ٱسۡمُهُ ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ﴾(45) ، والكلمة أعم من الغلام فهي تصح لكل ما أراد الله أن يكون، قال تعالى: ﴿إِنَّمَآ أَمۡرُهُۥٓ إِذَآ أَرَادَ شَيۡ‍ًٔا أَن يَقُولَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ٨٢﴾ [يس: 82]، والولد أعمّ من الغلام فالولد يُقال للذكر والأنثى ، والمفرد والجمع، قال تعالى:﴿إِن تَرَنِ أَنَا۠ أَقَلَّ مِنكَ مَالٗا وَوَلَدٗا٣٩ فَعَسَىٰ رَبِّيٓ أَن يُؤۡتِيَنِ خَيۡرٗا مِّن جَنَّتِكَ﴾(الكهف: 39) . فلما بشرها بالكلمة وهي عامة سألت بما هو أعم من الغلام وهو الولد، فناسب العموم العموم والخصوص الخصوص. ألا ترى في سورة مريم حين بشرها رسول ربها بالغلام قائلًا: ﴿ق إِنَّمَآ أَنَا۠ رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَٰمٗا زَكِيّٗا١٩﴾ [مريم: 19]. قالت: ﴿قَالَتۡ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَٰمٞ وَلَمۡ يَمۡسَسۡنِي بَشَرٞ﴾ [مريم: 20]، فناسب كل تعبير مكانه. 2- وأما قوله مخاطبًا زكريا: ﴿كَذَٰلِكَ ٱللَّهُ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ﴾، وقوله مخاطبًا مريم: ﴿كَذَٰلِكِ ٱللَّهُ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ﴾ فهو المناسب أيضًا. ذلك أن الفعل أيسر من الخلق، فالفعل عام، ألا ترى أنه قد يقول لك قائل: لم فعلت كذا؟ ولم فعلت كذا؟ فتقول: أنا أفعل ما أشاء. ولا يصح أن تقول: (أنا أخلق ما أشاء) فإنك لا تستطيع ذلك. هذا وإن إيجاد الذرية من أبوين مهما كان شأنهما أيسر من إيجادها من أم بلا أب. فناسب ذكر الفعل الذي هو أيسر من الخلق مع زكريا. وناسب ذكر الخلق مع مريم التي لم يمسسها بشر.

ﵟ قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﵞ سورة آل عمران - 40

ﵟ قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﵞ سورة آل عمران - 47


Icon