الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية قال تعالي في سورة النبأ : { وَكَذَّبُوا...

برنامج لمسات بيانية قال تعالي في سورة النبأ : ﴿ وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباً ﴾ [ النبأ : 28 ] . وقال في سورة البروج : ﴿ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ ﴾ [ البروج : 19 ] . سؤال : لم قال في سورة النبأ : ﴿ كذاب ﴾ , وقال في سورة البروج : ﴿ تكذيب ﴾ ؟ الجواب : من معاني ﴿ الكذاب ﴾ التكذيب والكذب , يقال : ( كذب بالأمر تكذيبا وكذابا ) و ( وكذب الرجل كذابا ) . وقد يستعمل ﴿ الكذاب ﴾ للافراط في التكذيب أو الكذب . ومن النظر في السياقين تتبين مناسبة اختيار كل من المصدرين . قال تعالي في سورة النبأ : { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً [21] لِلْطَّاغِينَ مَآباً [22] لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً [23] لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلَا شَرَاباً [24] إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً [25] جَزَاء وِفَاقاً [26] إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَاباً [27] وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباً [28] وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً [29] فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَاباً [30]} [ النبأ : 21 – 30 ] , وقال في سورة البروج : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ [17] فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ [18] بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ [19] وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ [20]} [ البروج : 17 – 20 ] . وقد ذكرنا أن من معاني ﴿ الكذاب ﴾ المبالغة في التكذيب والافراط فيه .وقد ذكر في سورة النبأ من الصفات ما زاد علي ما في البروج : 1- فقد ذكر أنهم طاغون " ﴿ لِلْطَّاغِينَ مَآباً ﴾ . 2- وأنهم كانوا لا يرجون حسابا . 3- وأنهم كذبوا بآيات الله كذابا . 4- وإن ﴿ كذابا ﴾ في الآية إنما هو مفعول مطلق مؤكد لفعله , فاكد تكذيبهم بالمصدر المؤكد . ولم يقل في سورة البروج إلا قوله : ﴿ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ ﴾ . فلما زاد في النبأ علي ما في البروج من الوصف بالطغيان والتفصيل في الكفر , جاء بالمصدر ما يدل علي المبالغة وأكد به فعله ﴿ كذبوا ﴾ . فناسب كل تعبير موضعه وسياقه . ومن لطيف السياق أنه لما قال في البروج : ﴿ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ ﴾ أي : ساقطون فيه , وإن التكذيب محيط بهم ناسب أن يقول : ﴿ وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ ﴾. فالتكذيب محيط بهم والله محيط بالجميع . ومن لطيف الاستعمال للكذاب أيضا , أنه قال في سورة النبأ : ﴿ لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا كِذَّاباً ﴾ [ النبأ : 35 ] ولم يقل ( ولا تكذيبا ) أو ﴿ ولا كذبا ﴾ ؛ لأن الكذاب يكون بمعني الكذب وبمعني التكذيب . فجمع المعنيين في التعبير ؛ أي : لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا ولا تكذيبا , فنفي الكذب التكذيب . وهو من لطيف التوسع في المعني . (أسئلة بيانية في القرآن الكريم

ﵟ وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا ﵞ سورة النبأ - 28

ﵟ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ ﵞ سورة البروج - 19


Icon