الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية (تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)) فكرة عامة...

برنامج لمسات بيانية (تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)) فكرة عامة عن الآية : لاحظ أن هذه الآية الكريمة وردت بعد القسم بالقرآن (يس (1) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)) . هو بعد أن عظّم القرآن بالقَسَم به (يس (1) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2)) عادة أنت تُقسم بما هو معظّم إذن هو بعد هذا التعظيم بالقسم في القرآن ثم وصفه بالحكمة (يس (1) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2)) إذن هو الآن عظّمه بالقسم وبوصفه بالحكمة. بعد هذا عظّمه بإضافته إلى نفسه، إلى ذاته العليا قال ﴿تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ والكتاب يُعظّم من ناحيتين إما من حيث ما أُودع فيه (محتواه) هذا من حيث التعظيم لذاته ومن حيث مرسله، يأتي من جهتين. إما من حيث محتواه، ما هو فيه ومن حيث المرسل إن كان المرسل عظيماً فالكتاب يُعظم، قد يكون الكتاب ليس ذي قيمة لكن يعظم بسبب مرسِله وصاحبه، صاحبه يكون معظّماً لسببين إما أن يكون مرهوباً مخوفاً أو أن يرجى خيره، أحد أمرين. جمع الله ذلك بقوله ﴿تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ جمع بين الترغيب والترهيب، مصدر التعظيم. العزيز معناه نافذ الأمر مرهوب، الرحيم يعني ذو رحمة ليس متجبراً ولا عاتياً. إذن هو فخّم الكتاب وعظّمه من ناحيتين من حيث الذات باعتباره حكيم، ذات الله عز وجل وذات الكتاب لأنه قال الحكيم وصفه بالحكمة وهي أمر نفيس وعادل. إذن هو عظم الكتاب من ناحيتين من حيث ذات الكتاب لأنه قال عنه حكيم ومن حيث مرسله ﴿تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ إذن هو من ناحيتين. وهناك تعظيم آخر للقرآن في السياق وهو المكان المحفوظ فيه قال ﴿تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ تنزيل يعني كان في مكان عالي قال ﴿تنزيل﴾ إذن كان في مكان عالي محفوظ ثم نُزّل إلى الرسول تنزيلاً. ثم هذا يدل على أمر آخر يدل على رفعة القرآن وعلو مكانته، التنزيل. إذن هو أشار إلى تعظيم القرآن من عدة نواحي القسم به (يس (1) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2)) هذا تعظيم ثم وصفه بأنه حكيم (وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2)) هذا تعظيم بذاته وأنه في مكان عالي وقد نُزّل، هذا تعظيم آخر، ثم أضافه إلى نفسه بصفتي الترهيب والترغيب يعني لم يترك جهة من جهات التعظيم إلا وأشار إليها وذكرها. آية (5): (تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)) فكرة عامة عن الآية : لاحظ أن هذه الآية الكريمة وردت بعد القسم بالقرآن (يس (1) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)) . هو بعد أن عظّم القرآن بالقَسَم به (يس (1) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2)) عادة أنت تُقسم بما هو معظّم إذن هو بعد هذا التعظيم بالقسم في القرآن ثم وصفه بالحكمة (يس (1) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2)) إذن هو الآن عظّمه بالقسم وبوصفه بالحكمة. بعد هذا عظّمه بإضافته إلى نفسه، إلى ذاته العليا قال ﴿تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ والكتاب يُعظّم من ناحيتين إما من حيث ما أُودع فيه (محتواه) هذا من حيث التعظيم لذاته ومن حيث مرسله، يأتي من جهتين. إما من حيث محتواه، ما هو فيه ومن حيث المرسل إن كان المرسل عظيماً فالكتاب يُعظم، قد يكون الكتاب ليس ذي قيمة لكن يعظم بسبب مرسِله وصاحبه، صاحبه يكون معظّماً لسببين إما أن يكون مرهوباً مخوفاً أو أن يرجى خيره، أحد أمرين. جمع الله ذلك بقوله ﴿تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ جمع بين الترغيب والترهيب، مصدر التعظيم. العزيز معناه نافذ الأمر مرهوب، الرحيم يعني ذو رحمة ليس متجبراً ولا عاتياً. إذن هو فخّم الكتاب وعظّمه من ناحيتين من حيث الذات باعتباره حكيم، ذات الله عز وجل وذات الكتاب لأنه قال الحكيم وصفه بالحكمة وهي أمر نفيس وعادل. إذن هو عظم الكتاب من ناحيتين من حيث ذات الكتاب لأنه قال عنه حكيم ومن حيث مرسله ﴿تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ إذن هو من ناحيتين. وهناك تعظيم آخر للقرآن في السياق وهو المكان المحفوظ فيه قال ﴿تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ تنزيل يعني كان في مكان عالي قال ﴿تنزيل﴾ إذن كان في مكان عالي محفوظ ثم نُزّل إلى الرسول تنزيلاً. ثم هذا يدل على أمر آخر يدل على رفعة القرآن وعلو مكانته، التنزيل. إذن هو أشار إلى تعظيم القرآن من عدة نواحي القسم به (يس (1) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2)) هذا تعظيم ثم وصفه بأنه حكيم (وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2)) هذا تعظيم بذاته وأنه في مكان عالي وقد نُزّل، هذا تعظيم آخر، ثم أضافه إلى نفسه بصفتي الترهيب والترغيب يعني لم يترك جهة من جهات التعظيم إلا وأشار إليها وذكرها. *ألا يعطي عدم الجمع بينهما نفس الدلالة؟ لا فالعزيز ليس بالضرورة رحيماً والرحيم ليس بالضرورة عزيزاً عنده مال وأشياء أخرى وليس بالضرورة أنه قوي أو أنه صاحب جيش. في الجمع بين العزيز الرحيم دلالة معينة القوة وهي مصدر الرهبة والنِعمة ووالخير والإفاضة على الآخرين مصدر الرحمة. وهناك أمر آخر وهو التعظيم بدليل كلمة ﴿تنزيل﴾ تنزيل أنه في مكان عالي محفوظ، التنزيل يكون من علو وإلا كيف تكون تنزيلاً؟ الكتاب إذا كان ثمين حُفِظ في مكان أمين لا تمسه الأيدي ولا يعبث به العابثون فأشار أنه نزل إلى رسوله تنزيلاً هو في مكان مرتفع في مكان عالي لا تمسه الأيدي (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) الشعراء) في مكان عالي إذن نزّله. القرآن عُظِّم من أكثر من ناحية أولاً القسم به ﴿والقرآن﴾ ووصفه بأنه حكيم وأنه في مكان عالي وأضافه الله إلى ذاته باسمي العزيز الرحيم والترغيب والرهيب. إذن جمع كل ما يفيد التعظيم من حيث دلالته ومن حيث صفاته ومن حيث مرسِله ومن حيث مكانه والقسم به، الذات والمرسِل والصفة والمكان جمع فيه كل أمور التعظيم. * هنا اختار ربنا تبارك وتعالى ﴿تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ هل لهذين الإسمين دلالة خاصة وما علاقتهما بالآية والسياق؟ هذان الإسمان إختيارهما له أكثر من دلالة في السورة وأيضاً في السياق، العزيز هو الغالب كما هو معروف وهذا كما قلنا ترهيب لعباده والرحيم الرحمة. نلاحظ هذه السورة مطبوعة بطابع هذين الإسمين الكريمين (العزة والرحمة). أولاً العزة تظهر بنصر أوليائه ومحق أعدائه فذكر أنه أهلك أصحاب القرية بصيحة واحدة (إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29)) وذكر أن آلهتهم التي يعبدونها لا تغني شفاعتهم شيئاً ولا يتمكنون من إنقاذ من يريدون إنقاذه، إذن هذه الآلهة ليس لها وجاهة لأن لا تُغني الشفاعة والشفيع وجيه لا تغني شفاعته إذن ليس لها وجاهة ولا ينقذون إذن ليس لها قوة، إذن فآلهتهم ليس لها وجاهة ولا قوة (إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23)). وذكر أنه إن شاء أغرقهم فلا معين لهم ولا يتمكن أحد من إنقاذهم إلا إذا أراد هو (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43)) لا صريخ لهم يعني لا معين لهم لا أحد يُصرخهم. ﴿إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا﴾ الرحمة، ثم ذكر أنهم ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم جميعاً فلا يبقى منهم أحد وأنه يحييهم أيضاً بصيحة واحدة (مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49)) ثم قال (إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29)) كيف تكون العزة؟. ثم ذكر أنه لو شاء أن يطمس على أعينهم أو يمسخهم على مكانتهم لفعل ولا رادّ لمشيئته (وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67)) ذكر أن أمره ينفذ بكلمة واحدة لا رادّ لها يكون ما يريد وأنه بيده ملكوت كل شيء وليس لأحد سواه شيء (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)) هل هناك أكبر من هذه العزة؟! كلها عزة، إذن السورة مطبوعة بطابع العزة من أولها إلى آخرها ثم الرحمة. (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)) هذه العزة في السورة، الرحيم تردد ذكر الرحمة والرحيم أكثر من مرة قال ﴿تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ (إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ (11)) (وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ (15)) (إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ (23)) (إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44)) (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45)) (هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ (52)) (سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ (58)) هذه من ناحية الأسماء. ثم ذكر عدداً مبثوثاً من مظاهر الرحمة سبحانه، ذكر ما جعل في الأضر لعباده من جنات وأنهار وما أخرج لهم من حبّ يأكلون منه قال (وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33)) وأنه حمل ذريتهم في الفلك المشحون (وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41)) وأنه خلق لهم من مثله ما يركبون (وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42)) وأنه خلق لهم أنعاماً فهم لها مالكون (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (73)) وأنه ذللها لهم فمنها ركوبهم وجعل لهم فيها منافع ومشارب تستوجب شكره أفلا يشكرون؟ وجعل لهم من الشجر الأخضر ناراً (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80)) وأنه أرسل لهم رسلاً فحذّرهم من عبادة الشيطان وهداهم الصراط المستقيم وغير ذلك من مظاهر الرحمة أيضاً فمظاهر العزة مبثوثة. *إذن مظاهر الرحمة بها مصرَّح وبها ملمّح؟ وكذلك العزة؟ إذن تنزيل العزيز الرحيم تتناسب مع جو السورة على العموم . *لكن أليس هنالك تناقض بين العزة والرحمة في آن واحد؟ الجمع بينهما هذا من أحسن ما يكون . *مرة يخوّف ويرغِّب ويرهِّب هل في هذا دلالة معينة دكتور؟ سأذكرها بعد أن أبيّن أن العزة إذا لم تكن رحمة كانت وبالاً إذا كان الحاكم ليس رحيماً وكان متغطرساً سيكون متجبراً سيهلك الآخرين كلها عذاب فإن لم تكن فيها رحمة فهي وبال وهي صفة نقص. *العزة وحدها لا تكفي صفة مدح؟ لا، حتى تكون معها رحمة. ثم نلاحظ هنالك أمر في ارتباط هذين الإسمين الكبيرين بما بعده في السياق. أولاً نحن لاحظنا اجتماع هذين الإسمين في غير هذه السورة يعني يذكرهم بعد ذكر عدم إيمان الخلق يذكر ﴿العزيز الرحيم﴾، نلاحظ أمراً هو قال بعد هذه الآية (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7)) بعد أن قال (تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)) نلاحظ علاقة هذين الإسمين بهذه الآية ﴿لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ﴾ من الأمور الواضحة الظاهرة في القرآن الكريم أنه يذكر هذين الإسمين بعد ذكر عدم إيمان الأكثرين، في سورة الشعراء مثلاً نلاحظ بعد قصة كل نبي مع قومه يقول (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (121) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (122)) ثماني مرات في سورة الشعراء كل مرة يذكر قوم نبي ثم بعد أن يذكر عدم إيمانهم يقول ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾. ليس هذا فقط، وإنما ُُذكر هذان الإسمان تعقيباً على موقف أهل مكة من الرسول صلى الله عليه وسلم قال (فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (6) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (7) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (8) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (9) الشعراء) إذن هي مرتبطة بسياقها ومرتبطة بجو السورة. حقيقة من أسرار هذا الذكر طبعاً من مقتضيات إسم العزيز أن ينصر المؤمنين ويعزّهم ويذل الكافرين ويهلكهم ويمحقهم، مقتضيات الرحمة أن يرحم المؤمنين ويكرمهم وينجيهم ويدخلهم الجنة، هذا من رحمته، ويرحم الكافرين بإلزامهم الحجة لا يعذبهم من غير حجة (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165) النساء) هذا من رحمته بهم بعد إقامة البينة عليهم لا يعذبهم من دون بينة، وإنذارهم وتبصيرهم بما سيكون لهم من عاقبة وأن عليهم أن يأمنوا عذابه ويتقوا ناره وأنه أبلغ هؤلاء الكفرة كما أبلغ المؤمنين هذه من رحمته وهم مع كل ذلك يرزقهم ويتقلبون في نعمته كيف يتكون الرحمة؟ هكذا. الحقيقة نأتي إلى السؤال الذي أثرته عن العزة والرحمة كيف تكون، ربنا ذكر ثلاثة أسماء واحداً بالتضمّن وإثنان بالتصريح، التصريح ﴿العزيز الرحيم﴾ والتضمّن ﴿الحكيم﴾ لأنه لما قال (يس (1) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2)) القرآن هو كلامه موصوف بالحكمة، أليس المتكلم بالحكمة حكيماً؟ بلى، إذن ذكر الحكيم بالتضمّن عندما قال ﴿والقرآن الحكيم﴾ وهو كلامه فيه إشارة إلى حكمته تبارك وتعالى، إذن ذكر إسمين تصريحاً ﴿العزيز الرحيم﴾ وذكر إسماً بالتضمن وهو ﴿الحكيم﴾، كمال الإتصاف أن تكون هذه من حيث أن العزيز إذا لم يكن حكيماً كان متهوراً يعني تكون العزة من صفات نقصه، العزة تسيطر عليها حكمة، العزة من دون حكمة تهور، هذا نقص، من دون رحمة تسلّط ووبال على الآخرين وأيضاً نقص. الرحمة من دون عزّة ضعف ومن دون حكمة نقص لا يعرف أين يضعها. *من مقتضيات الحكمة أن يعرف كيف يضع عزته ورحمته في مكانها! يعني أن يرحم في مكان الرحمة أما أن يرحم في غير مكان الرحمة هذا لا يصح، ويعزّ في مكان العزة، كل واحد في مقتضاه، الرحمة من دون عزّة ضعف يسخرون منه ومن دون حكمة نقص لأن هناك مواطن ينبغي أن يكون فيها عقوبة. إذن هذه الصفات كلها يكمل بعضها بعضاً. الحُكم من الحكيم وقد تكون من الحُكم . * الحكيم من الحِكمة ومن الحُكم؟ إذن لا تعيين ولا تخصيص دلالة معينة؟ الحكيم من الحكمة ومن الحُكم. لا تعيين ولا تخصيص هو يجمعهم لأن الحكيم في الحكمة والحكيم قال (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ (48) المائدة) الكتاب. * هل المادة اللغوية واحدة ﴿حَكَم﴾؟ نعم الأصل هو حَكَم وتأتي الحُكم والحكمة هذا من قبيل التوسع في المعنى. في القرآن حكيم وحاكم ﴿وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ هو الحاكم لأنه ناسخ وربنا حكيم وحاكم (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57) الأنعام) (وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) هود) إذن الحكيم فيها حكمة وفيها حُكم والحُكم من دون عزة ولا رحمة لا يصح، هذا من مقتضيات الحكم العزة والرحمة والحكمة فإذن لاحظ هذه الصفات. * يعني بالحكمة تتواءم مع العزة والرحمة والحُكم مع العزة والرحمة والحكمة أيضاً ؟ والعزة معهما والرحمة معهما. * ولو أفرد واحدة دون الاثنتين الأخريين كان هنالك نقص حاشا لله؟ حاشا لله ، له صفات الكمال. * إذن هذه الكلمات مقصودة موضوعة في مكانها لدلالات معينة لا ينبغي أن نحذف كلمة أبداً ليس لأنه كلام الله سبحانه وتعالى لكن هذا سوف يُحدث خللاً في السياق. إذا نزعنا الحِكمة لا يصح العزيز الرحيم فقط ؟ لا يصح. في العقل، في أمور العقل والمنطق لا يصح.

ﵟ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﵞ سورة يس - 5


Icon