الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية قال ربنا سبحانه وتعالى (قَالَ اهْبِطَا...

برنامج لمسات بيانية قال ربنا سبحانه وتعالى (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123))طه) بضمير الغائب ومرة يقول ﴿قلنا اهبطوا﴾ بضمير المتكلم ما الفرق مع أن الموقف واحد؟ (د. فاضل السامرائي) لا الموقف ليس واحداً. لو نقرأ النص يوضح المسألة. في سورة طه قال (وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122)) ما قال ثم اجتبيته الكلام أصلاً في الغائب (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)) السياق بالغيبة. (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)) الكلام كله في الغائب. حتى في سورة الأعراف (وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24)) ناداهما ربهما غائب، (قال اهبطوا - قال فيها تحيون وفيها تموتون) في الغائب. في البقرة قال (وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)) (وقلنا – وقلنا اهبطوا) ضمير المتكلم (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38)) متكلم، لما كان السياق في الغيبة قال ﴿قال﴾ بالغائب ولما كان السياق في المتكلم قال ﴿قلنا﴾ * هل هناك فرق كبير بين أن يكون السياق للغائب أو للمتكلم؟ الموقف بمجمله كله أن الله تعالى قال لآدم وحواء اهبطوا، هذه القصة لكن ما الذي يمكن أن نستفيده دلالياً، مرة يقول قال ومرة يقول قلنا مع أن آدم وحواء هبطا من الجنة؟ لا، أنت تسرد كلاماً عن شخص غائب فتتكلم عنه بالغيبة، تتكلم عن نفسك في المسألة تتكلم بضمير المتكلم. * ألا يُحدِث هذا إزعاجاً لدى المتلقي؟ المتكلم في الحالتين هو الله سبحانه وتعالى ! كما هو شأنه. يعني ربنا سبحانه وتعالى يتكلم عن قصة نوح ويذكر قال وقال (فَدَعَا رَبَّهُ (10) القمر) يذكر أمراً يسرد القصة بصيغة الغيبة فيكون السياق هكذا. * في فرعون قال (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ (47) طه) مع أن فرعون كان باطشاً وجباراً ومتكبراً؟ لكن الذهاب إليه سهل في الطريق. هما في الطريق ذاهبين إليه. وهناك أمر أضيفه ﴿فَأْتِيَاهُ﴾ في القرآن الكريم لم يأت فعل مضارع لفعل جاء ولا فعل أمر ولا إسم فاعل ولا إسم فاعل وإنما كله ماضي ﴿فَأْتِيَاهُ﴾ هذا ماضي. بينما من أتى يأتي الماضي والمضارع والأمر واسم الفاعل والمصدر. ليس في القرآن مجيء ولا يجيء ولا غيرها بينما من أتى يأتي الأمر والمضارع وإسم الفاعل والمصدر، هذه تعود أيضاً للصعوبة واليسر.

ﵟ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ ﵞ سورة طه - 123


Icon