﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلۡبِلَٰدِ١٩٦ مَتَٰعٞ قَلِيلٞ ثُمَّ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ١٩٧﴾ [آل عمران: 196-197]
* * *
التقلب: هو التصرف على حسب المشيئة من ذهاب ومجيء وسفر وتجارة وحروب.
وهذا دال على تمكنهم وسعة تصرفهم.
فنهاه عن أن يغتر بذاك ، فإن هذا متاع قليل.
وقد أكد بالنهي بالنون؛ لأن المقام يقتضي ذلك ، فهم متمكنون آذوا المؤمنين وأخرجوهم من ديارهم وآذوهم وقاتلوهم ، وكل ذلك مدعاة إلى الاغترار بقوتهم وقدرتهم ، فنهاه عن أن يغتر بذاك ، وأخبر عن ذاك بأنه متاع قليل.
والمتقلب لا بد أن يأوي بعد تقلبه، فذكر أن مأواهم جهنم.
والمتقلب يريد أن يمهد لنفسه ما يستريح إليه ويجد فيه راحة فقال:﴿وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَاد﴾ أي: بئس ما مهدوا لأنفسهم.
جاء في (البحر المحيط): ((﴿ثُمَّ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ﴾ : ثم المكان الذي يأوون إليه إنما هو جهنم.
وعبر بـ ﴿المأوى﴾ إشعارًا لهم بانتقالهم عن الأماكن التي تقلبوا فيها ، وكأن البلاد التي تقلبوا فيها إنما كانت لهم أماكن انتقال من مكان إلى مكان ، لا قرار لهم ولا خلود . ثم المأوى الذي يأوون إليه ويستقرون فيه هو جهنم.)).
وجاء في (تفسير أبي السعود) : ((﴿وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَاد﴾ ذم لها وإيذان بأن مصيرهم مما جنته أنفسهم وكسبته أيديهم)).
وجاء في (روح المعاني): ((﴿وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَاد﴾ أي: بئس ما مهدوا لأنفسهم وفرشوا جهنم.
وفيه إشارة إلى أن مصيرهم إلى تلك الدار مما جنته أنفسهم وكسبته أيديهم)).
(من كتاب: قبسات من البيان القرآني للدكتور فاضل السامرائي- صـ 56، 57)
ﵟ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ ﵞ سورة آل عمران - 196