الوقفات التدبرية

﴿إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتۡ﴾ * * * جاء بـ ﴿إِذَا﴾ للدلالة على...

﴿إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتۡ﴾ * * * جاء بـ ﴿إِذَا﴾ للدلالة على أن هذا أمر حاصل ولابد؛ لأن ﴿إِذَا﴾ إنما تكون للمقطوع بحصوله أو الكثير الوقوع. جاء في (المقتضب): ((فإذا قلت (إذا أتيتني...) وجب أن يكون الإتيان معلومًا. ألا ترى إلى قول الله عز وجل: ﴿إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتۡ﴾ و﴿إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَت﴾ و﴿إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتۡ﴾ إن هذا واقع لا محالة. ولا يجوز أن يكون في موضع هذا ﴿إنْ﴾ لأن الله عز وجل يعلم. و﴿إن﴾ إنما مخرجها الظن والتوقع فيما يخبر به المخبر، وليس هذا مثل قوله: ﴿إِن يَنتَهُواْ يُغۡفَرۡ لَهُم مَّا قَدۡ سَلَفَ﴾ [الأنفال: 38] لأن هذا راجع إليهم)). وقدمت ﴿ٱلسَّمَآءُ﴾ على الفعل ﴿ٱنفَطَرَتۡ﴾ للتهويل، فقد ((يكون التقديم للتهويل كقوله تعالى: ﴿ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتۡ١ وَإِذَا ٱلۡكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتۡ٢ وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ فُجِّرَتۡ٣﴾ وكقوله: ﴿إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ١﴾ فإن في تقديم المسند إليه تهويلًا لا تجده في التأخير. ألا ترى أن السماء لم يسبق لها أن انفطرت، ولا الكواكب انتثرت، ولا البحار فجرت، ولا الشمس كوّرت، فهذه الأجرام مستقرة على حالتها الدهور المتطاولة والأحقاب المتوالية، حتى ذهب بعض الناس إلى أنها على حالها منذ الأول، وستبقى كذلك أبدًا؛ ولذلك قدمها إشارة إلى الهول العظيم والحدث الجسيم الذي يصيب هذه الأجرام. ألا ترى إلى قوله تعالى مثلًا ﴿إِذَا زُلۡزِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ زِلۡزَالَهَا١﴾ [الزلزلة: 1] كيف أخر المسند إليه لأن الزلزلة معهودة مستمرة الحصول، بخلاف ما سبق. ونحوه قوله تعالى: ﴿فَإِذَا بَرِقَ ٱلۡبَصَرُ٧ وَخَسَفَ ٱلۡقَمَرُ٨﴾ [القيامة: 7-8] ولم يقل (إذا القمر خسف) لأن خسوف القمر معتاد الحصول، ونحوه بريق البصر)). (من كتاب: قبسات من البيان القرآني للدكتور فاضل السامرائي- صـ 226: 227).

ﵟ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ ﵞ سورة الإنفطار - 1


Icon