الوقفات التدبرية

﴿يَوۡمَ لَا تَمۡلِكُ نَفۡسٞ لِّنَفۡسٖ شَيۡ‍ٔٗاۖ وَٱلۡأَمۡرُ...

﴿يَوۡمَ لَا تَمۡلِكُ نَفۡسٞ لِّنَفۡسٖ شَيۡ‍ٔٗاۖ وَٱلۡأَمۡرُ يَوۡمَئِذٖ لِّلَّهِ﴾ * * * ((أي: لا يستطيع دفعًا عنها ولا نفعًا لها بوجه، ولا أمر إلا الله وحده)). جاء في (روح المعاني): ((وفي تحقيق قوله تعالى: ﴿يَوۡمَ لَا تَمۡلِكُ نَفۡسٞ لِّنَفۡسٖ شَيۡ‍ٔٗاۖ﴾ لدلالته على أن لكل مسوسون مطيعون مشتغلون بحال أنفسهم مقهورون بعبوديتهم لسطوات الربوبية)). و﴿الأمر﴾ يحتمل واحد الأوامر، أي: لا يأمر فيه إلا الله، فهو الملك المطاع، ويحتمل واحد الأمور، أي: الشأن كله لله. والتحقيق أنهما كليهما لله سبحانه: والأوامر والشأن. قد تقول: لقد ههنا: ﴿وَٱلۡأَمۡرُ يَوۡمَئِذٖ لِّلَّهِ﴾ فأخر الجار والمجرور ﴿لله﴾. وفي أكثر من موطن قدم الجار والمجرور على الأمر، وذلك نحو قوله: ﴿أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُۗ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الأعراف: 54]. وقوله: ﴿بَل لِّلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ جَمِيعًاۗ﴾ [الرعد: 31]. وقوله: ﴿لِلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُ﴾ [الروم: 4]. فنقول: إن كل ما قدم الجار والمجرور ﴿لِّلَّهِ﴾ إنما هو مطلق غير مقيد بزمن، فالأمر لله وحده على الإطلاق. أما في آية الانفطار فقد قال: ﴿وَٱلۡأَمۡرُ يَوۡمَئِذٖ لِّلَّه﴾ فقيده بذلك اليوم فقال ﴿يَوۡمَئِذٖ﴾ فلو قدم ﴿لِّلَّه﴾ وقال: (لله الأمر يومئذ) لكان المعنى أن له الأمر حصرًا في ذلك اليوم، ومقتضى هذا أنه في غير ذلك اليوم قد يكون الأمر لذات أخرى؛ ولذا قال: ﴿وَٱلۡأَمۡرُ يَوۡمَئِذٖ لِّلَّه﴾ فلم يخصصه بذلك اليوم، وإنما جعل الأمر له في ذلك اليوم. أما الأمر على الإطلاق فهو له حصرًا في ذلك اليوم وغيره، وعلى كل حال، كما ذكره في مواضع أخرى من القرآن الكريم. فاتضح الفرق. (من كتاب: قبسات من البيان القرآني للدكتور فاضل السامرائي- صـ 243: 245)

ﵟ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا ۖ وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﵞ سورة الإنفطار - 19


Icon