﴿وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ﴾
* * *
هذا التعبير يراد به التفخيم والتعظيم، وذلك نحو قوله: ﴿ٱلۡقَارِعَةُ١ مَا ٱلۡقَارِعَةُ٢ وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡقَارِعَةُ٣﴾ أي: أيّ شيء هو من العظم ((يعني: ولم تبلغ درايتك غاية فضلها ومنتهى علو قدرها.
ثم بين ذلك بأنها خير من ألف شهر)).
جاء في (روح المعاني): وذلك ((لما فيه من الدلالة على أن علوها خارج من دائرة دراية الخلق، لا يعلم ذلك ولا يعلم به إلا علام الغيوب)).
وقال: ﴿وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ﴾ بإظهار اسمها، ولم يقل: ﴿وما أدراك ما هي﴾ وذلك للزيادة في تعظيمها، وذلك أن الإظهار آكد من الإضمار كما هو معلوم.
قال تعالى: ﴿فَأُمُّهُۥ هَاوِيَةٞ٩ وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا هِيَهۡ١٠﴾ [القارعة: 9-10].
وقال: ﴿كَلَّاۖ لَيُنۢبَذَنَّ فِي ٱلۡحُطَمَةِ٤ وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡحُطَمَةُ٥﴾ [الهمزة: 4-5].
فأضمر في آية القارعة فقال: ﴿وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا هِيَه﴾ ولم يقل: (وما أدراك ما الهاوية).
وأظهر في آية الهمزة فقال: ﴿وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡحُطَمَةُ﴾ للدلالة على ما ذكر من تعظيم النار وشدة وصفها في الهمزة فقال: ﴿نَارُ ٱللَّهِ ٱلۡمُوقَدَةُ٦ ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلۡأَفِۡٔدَةِ٧ إِنَّهَا عَلَيۡهِم مُّؤۡصَدَةٞ٨ فِي عَمَدٖ مُّمَدَّدَةِ﴾.
ولم يزد في القارعة على قوله ﴿نَارٌ حَامِيَةُۢ﴾.
(من كتاب: قبسات من البيان القرآني للدكتور فاضل السامرائي- صـ 251، 252)
ﵟ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﵞ سورة القدر - 2