الوقفات التدبرية

– قال سبحانه وتعالى في سورة الزمر: ﴿۞وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ...

– قال سبحانه وتعالى في سورة الزمر: ﴿۞وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَا رَبَّهُۥ مُنِيبًا إِلَيۡهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُۥ نِعۡمَةٗ مِّنۡهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدۡعُوٓاْ إِلَيۡهِ مِن قَبۡلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادٗا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِۦۚ﴾ [الزمر: 8]. وقال في السورة نفسها: ﴿فَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلۡنَٰهُ نِعۡمَةٗ مِّنَّا قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمِۢۚ بَلۡ هِيَ فِتۡنَةٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ٤٩﴾ [الزمر: 49]. سؤال: قال سبحانه في الآية الأولى: ﴿دَعَا رَبَّهُۥ مُنِيبًا إِلَيۡهِ﴾ بضمير الإفراد. وقال في الآية الأخرى: ﴿دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلۡنَٰهُ نِعۡمَةٗ مِّنَّا﴾ بضمير الجمع. فلم ذاك؟ الجواب: إن الآية الأولى في مقام التوحيد ونفي الشرك، فقد قال في الآية: ﴿وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادٗا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِۦۚ﴾. فناسب ذلك المجيء بالإفراد فقال: ﴿دَعَا رَبَّهُۥ مُنِيبًا إِلَيۡهِ﴾. حتى إن سياق الآية في نفي الشرك ابتداء من أول السورة، فقد قال في أول السورة: ﴿أَلَا لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلۡخَالِصُۚ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ إِنَّ ٱللَّهَ يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ فِي مَا هُمۡ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ كَٰذِبٞ كَفَّارٞ٣﴾. وقال بعدها: ﴿لَّوۡ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدٗا لَّٱصۡطَفَىٰ مِمَّا يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ٤﴾. فذكر أنه الواحد القهار. فناسب ذكر الإفراد من كل جهة. وأما الآية الأخرى فهي في ادعاء الإنسان المذكور العلم. فقد قال في الآية: ﴿قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمِۢۚ﴾. وقد نفى ربنا في الآية العلم عن أكثرهم فيها: ﴿وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ﴾. فنفى العلم عن أكثرهم؛ مما يدل على أن هناك من يعلم. فلم يقتض ذلك الإفراد كما اقتضت الآية الأولى. فإن هناك من خلق الله من يعلم، وإن لم يكن ذلك كعلم الله، فقد ذكر ربنا قبل الآية أنه سبحانه عالم الغيب والشهادة (46). ولكن ليس لله ند على الإطلاق. فناسب كل تعبير موضعه الذي ورد فيه. (من كتاب: قبسات من البيان القرآني للدكتور فاضل السامرائي- صـ 291: 293)

ﵟ ۞ وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا ۖ إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ﵞ سورة الزمر - 8

ﵟ فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ ۚ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﵞ سورة الزمر - 49


Icon