الوقفات التدبرية

(يس وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ) قيل في الأحرف المقطعة الكلام كثير...

(يس وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ) قيل في الأحرف المقطعة الكلام كثير وأنا لا أستطيع أن أذكر أكثر مما ذكروا، غير أنى أود أن أقول هنا إن هذه الأحرف مهما قيل فيها فإنها تلفت انتباه السامع وتجعله يصغي إلى ما يقال بعدها، فكأنها وسيلة تعبيرية تشد الذهن ولذا قال قوم إنها فواتح للتنبيه واستئناف الكلام. وقال آخرون إنها إشارة إلى حروف المعجم كأنه قال للعرب إنما تحديتكم بنظم هذه الحروف التي تعرفونها فأنا أجعل منها كلاماً معجزاً يعجز عن مثله الإنس والجن ولو تظاهروا عليه. وقال قوم إن المشركين لما أعرضوا عن سماع القرآن بمكة نزلت ليستغربوها فيفتحون لها أسماعهم فيستمعون القرآن بعدها فتجب عليهم الحجة (1). وأريد أن أشير إلى أمر أخر بخصوص ﴿يس﴾ فقد ذهب بعضهم إلى أنه اسم من أسماء محمد (صلى الله عليه وسلم) بدليل قوله بعدها ﴿إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ (2). ولا أرى هذا الاستدلال سديداً، فقد ورد خطاب الرسول (صلى الله عليه وسلم) بعد غيرها من الأحرف المقطعة مما يعلم يقيناً أنه ليس من أسماء الرسول. فقد قال تعالى ﴿حم عسق كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ (الشورى 1-3) وقال ﴿كهيعص ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا﴾ - مريم(1، 2) (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ ) – القلم (1-3). ولم يقل أحد إن ﴿حم عسق﴾ أو ﴿كهيعص﴾ أو ( ن )من أسماء الرسول. جاء في (التبيان في أقسام القرآن): "والصحيح أن يس بمنزلة حم وألم ليست من أسماء النبي (صلى الله عليه وسلم) (3)". **من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الثاني من ص3 إلى ص4 1- انظر البحر المحيط 1/34. 2- انظر البحر المحيط 7/322-323، فتح التقدير 4/348. 3- التبيان في اقسام القرآن 267.

ﵟ يس ﵞ سورة يس - 1


Icon