الوقفات التدبرية

(وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ...

﴿وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي ونعمة أخرى محبوبة عندكم وهي النصر من الله والفتح القريب، ومعنى ذلك أن النصر لا يأتي من دون جهاد. وقوله ﴿تُحِبُّونَهَا﴾ له دلالته الخاصة في السورة ذلك أنه قال في أول السورة: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ﴾ فكأنه قال: افعلوا ما يحبه الله يعطكم ما تحبون. وهو النصر والفتح القريب. ولقوله ﴿تُحِبُّونَهَا﴾ دلالة أخرى ذلك أنه لم يقل (هل أدلكم على تجارة تحبونها). فإن في بعض تلك التجارة كرهاً وهو القتال فكأنه قال: أطيعوا الله بما يحب وتكرهون يعطكم ما تحبون. ثم إنه قال﴿ نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ﴾ ، ليدل على أن النصر إنما هو من الله وليس بجهادكم وعدتكم كما قال تعالى ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ - آل عمران (126) ووعدهم إن فعلوا ذلك بأمرين محبوبين: النصر والفتح القريب. ثم قال ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ للدلالة على أن ذلك كائن وحاصل. لقد أمر الله رسوله أن يبشر المؤمنين بالنصر والفتح القريب ولم يجعل البشارة داخلة في جواب الشرط أو الطلب وإنما هي أمر بالتبليغ لما هو حاصل قطعاً. ومعلوم أن البشارة لا تكون إلا لما هو حاصل قطعاً. وقد حصل ما بشر به فدل ذلك على صدقه (صلى الله عليه وسلم). **من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الأول ص 231.

ﵟ وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﵞ سورة الصف - 13


Icon