الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية قال سبحانه في سورة ص: ﴿أَمۡ عِندَهُمۡ...

برنامج لمسات بيانية قال سبحانه في سورة ص: ﴿أَمۡ عِندَهُمۡ خَزَآئِنُ رَحۡمَةِ رَبِّكَ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡوَهَّابِ٩ أَمۡ لَهُم مُّلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَاۖ فَلۡيَرۡتَقُواْ فِي ٱلۡأَسۡبَٰبِ١٠﴾. وقال في سورة الطور: ﴿أَمۡ عِندَهُمۡ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمۡ هُمُ ٱلۡمُصَۜيۡطِرُونَ٣٧ أَمۡ لَهُمۡ سُلَّمٞ يَسۡتَمِعُونَ فِيهِۖ فَلۡيَأۡتِ مُسۡتَمِعُهُم بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٍ﴾. سؤال: ما الفرق بين آية ص 9 وآية الطور 37؟ الجواب: إن ما ورد في سورة الطور أعم مما ورد في ص من أوجه عدة منها: 1 – أنه قال في آية ص: ﴿أَمۡ عِندَهُمۡ خَزَآئِنُ رَحۡمَةِ رَبِّكَ﴾. وقال في الطور: ﴿أَمۡ عِندَهُمۡ خَزَآئِنُ رَبِّكَ﴾. وآية الطورأعم؛ لأنها تشمل خزائن الرحمة وغيرها. ولما قال: ﴿ٱلۡوَهَّابِ﴾ في آية ص، ناسب ذكر الرحمة. وقد اقترن ذكر الهبة مع الرحمة في أكثر من موضع في القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿وَهَبۡ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةًۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ﴾ [آل عمران: 8]. وقال: ﴿وَوَهَبۡنَا لَهُم مِّن رَّحۡمَتِنَا وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ لِسَانَ صِدۡقٍ عَلِيّٗا﴾ [مريم: 50]. وقال: ﴿وَوَهَبۡنَا لَهُۥ مِن رَّحۡمَتِنَآ أَخَاهُ هَٰرُونَ نَبِيّٗا﴾ [مريم: 53]. وقال: ﴿وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةٗ مِّنَّا﴾ [ص: 43]. وناسب ذكر ﴿ٱلۡوَهَّابِ﴾ قوله في الآية بعدها: ﴿أَمۡ لَهُم مُّلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَاۖ﴾. فإن الذي يملك هو الذي يهب، وأما الذي لا يملك فماذا يهب؟ وربنا هو الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما، وليس المذكورون. 2 – قال في آية ص: ﴿ٱلۡعَزِيزِ﴾. وقال في آية الطور: ﴿أَمۡ هُمُ ٱلۡمُصَۜيۡطِرُونَ﴾. وما في الطور أعم، فالمصيطر هو العزيز وزيادة، فناسب العمومُ العمومَ. 3- قال في (ص): ﴿فَلۡيَرۡتَقُواْ فِي ٱلۡأَسۡبَٰبِ﴾. وقال في الطور: ﴿أَمۡ لَهُمۡ سُلَّمٞ يَسۡتَمِعُونَ فِيهِۖ﴾. والسلّم: هو المرقاة والدرج، وهو: ((ما يتوصل به إلى الأمكنة العالية فيرجى به السلامة، ثم جعل اسمًا لكل ما يتوصل به إلى شيء رفيع، قال تعالى: ﴿أَمۡ لَهُمۡ سُلَّمٞ يَسۡتَمِعُونَ فِيهِۖ﴾. وقال الزجاج: ((سمي به لأنه يسلك إلى حيث تريد)). ولما قال: ﴿يَسۡتَمِعُونَ فِيهِۖ﴾ : دل ذلك على قربهم مما يريدون، فهو آخر الارتقاء. فكان ما في الطور أتم؛ فإنه لم يذكر في (ص) مكانًا يرتقون إليه. فإن الحدث يحصل ولو ارتقوا إلى أي مكان، وإن لم يصلوا إلى مكان الاستماع، فهو ارتقاء في الأسباب على أية حال. فذكر في الطور ما هو أتم، وهو ذكر الغرض من الارتقاء. 4 – ومن طريف ما ورد في سياق كل من الآيتين أنه قال قبل آية (ص): ﴿أَءُنزِلَ عَلَيۡهِ ٱلذِّكۡرُ مِنۢ بَيۡنِنَاۚ بَلۡ هُمۡ فِي شَكّٖ مِّن ذِكۡرِيۚ بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ٨﴾. وقال قبل آية الطور: ﴿أَمۡ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُۥۚ بَل لَّا يُؤۡمِنُونَ٣٣ فَلۡيَأۡتُواْ بِحَدِيثٖ مِّثۡلِهِۦٓ إِن كَانُواْ صَٰدِقِينَ﴾. فذكر في (ص) أنهم في شك من الذكر. وقال في الطور: إنهم يقولون تقوّله، بل ذكر أنهم لا يؤمنون، وهو أبعد من الشك، فهو الكفر وعدم الإيمان قطعًا. فذكر في الطول ما هو أتم وأعم. فقد قال في الطور: ﴿خَزَآئِنُ رَبِّكَ﴾ وهي خزائن الرحمة وزيادة. وقال في ﴿الطور﴾: ﴿أَمۡ هُمُ ٱلۡمُصَۜيۡطِرُونَ﴾ والمصيطر: هو العزيز وزيادة. وقال في الطور: ﴿أَمۡ لَهُمۡ سُلَّمٞ يَسۡتَمِعُونَ فِيهِۖ﴾ وهو الارتقاء في الأسباب وزيادة، وهو أتم. وقال في الطور: ﴿بَل لَّا يُؤۡمِنُون﴾ وهو الشك وزيادة، بل هو أبعد منه. ومن طريف ذلك أيضًا أنه قال بعد هذه الآيات في ص: ﴿ٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ﴾ [ص: 17]. وقال بعد الآيات في الطور: ﴿وَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعۡيُنِنَاۖ﴾ [الطور: 48]. وما في الطور أعم، فإنه في (ص) أمره بالصبر على ما يقولون. وأمره في الطور بالصبر لحكم ربه على العموم. فكان الصبر في الطور أعم وأتم.

ﵟ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ ﵞ سورة ص - 9


Icon