الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية ية (2) : * (أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ...

برنامج لمسات بيانية ية (2) : * (أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2)) ما المعنى اللغوي لقوله تبارك وتعالى ﴿أَلاَّ تَعْبُدُواْ﴾؟ ﴿ألا﴾ هنا نافية؟ ﴿أَلاَّ تَعْبُدُواْ﴾ محتمل أن تكون على التعليل، هنالك لام التعليل محذوفة (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) البروج) يعني إلا لأنهم يؤمنوا. هذا حذف قياسي، حذف اللام لام التعليل مع ﴿أن﴾ قياسي "جئت أن أستفيد" جئت لأستفيد ، إذن احتمال كبير وهو الذي يذهب إليه قسم غير قليل من المفسرين لأنه لئلا تعبدوا إلا الله، تعليل. إذن هذه ستكون للتعليل وعلى هذا ستكون ﴿لا﴾ نافية. وقسم يقول ﴿أن﴾ مفسِّرة و﴿لا﴾ ناهية يعني أن لا تعبدوا. ﴿لا﴾ تحتمل أن تكون نافية وناهية! . لو جاء باللام لقطع ، لئلا تعبدوا إلا الله . * (إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2)) هذا القول في كلمة ﴿إنني﴾ هناك نونان وفي غير ما آية في القرآن الكريم (إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50) الذاريات) نون واحدة، ما الفرق بين إني وإنني؟ إني وإنني من حيث الدلالة العامة واحدة، يبقى اختيار الكلمة. النون هي نون الوقاية. يمكن أن نقول إني. نون الوقاية أكثر ما تقع بين الفعل وياء المتكلم مثل أعطاني وأكرمني ، تقي الفعل من الكسر ولها أسباب أخرى. * هي تأتي في الفعل والإسم والحرف؟ لا، لا تأتي في الإسم . * لدنّي؟ هذا خاصة بكلمات وليست عامة. تأتي مع ﴿لدن﴾ لكن تأتي أحياناً مع ﴿إنّ﴾ وقسم من الأحرف المشبهة بالفعل (إني وإنني، ليتي (قليلاً ما تستعمل) وليتني ولعلي ولعلني وكأني وكأنني). نحن نعتقد أن ﴿إنني﴾ آكد لأن فيها ثلاث نونات، نون ﴿إنّ﴾ عبارة عن اثنين ونون الوقاية. * ما دلالة اختيار ﴿إنني﴾ هنا؟ هو ذكر وصفين للكتاب الإحكام والتفصيل ففصل بذكر النونين، إحكام وتفصيل. ذكر وصفين في المبلِّغ إنذار وبشارة ﴿نذير وبشير﴾ أيضاً هنا أمرين وهذا أيضاً ناسب ذكر النونين. يدلك على ذلك أنه إذا أفرد الإنذار دون البشارة يقول إني ولا يقول إنني. وإنما يقول ﴿إني لكم نذير﴾ في خمسة مواضع في القرآن الكريم (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (25) هود) (إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50) الذاريات) (إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (51) الذاريات) (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (2) نوح) لما زاد البشارة زاد النون. ذكر الأحكام والتفصيل زاد النون. مناسبة فنية لذكر النون. * الملاحظ في هذه الآية أن الله تبارك وتعالى قدم الإنذار على البشارة ﴿إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ﴾ وفي غيرما مكان في سورة فصلت مثلاً يقول (بَشِيرًا وَنَذِيرًا (4)) يقدم البشارة على الإنذار، فلِمَ اختلف الترتيب وما اللمسة البيانية؟ لو لاحظنا جو السورة في هود كلها إنذارات، قصة عاد ونوح لهذا قدّم الإنذار، سياق السورة في الإنذار، جو السورة إنذار (أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ (60) هود). لو قرأنا الآية في فصلت (حم ﴿١﴾ تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿٢﴾ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿٣﴾ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴿٤﴾) قال ﴿تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ الرحمن الرحيم يناسبه البشارة أم الإنذار؟ البشارة. الرحمن الرحيم قدّم البشارة. لما قدم البشارة في سورة فصلت ذكر بشارة الملائكة للمؤمنين (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) فصلت) بشارة. في سورة هود ليس فيها هذا الأمر فهي مناسبة للسياق العام والمقام العام والسياق الخاص واختيار كل تعبير تقديم وتأخير في مكانه. من الملاحظ في القرآن أنه لم يجمع بشير ونذير لرسول من الرسل إلا محمد صلى الله عليه وسلم. لم يقل مع رسول من الرسل نذير وبشير إلا مع محمد صلى الله عليه وسلم. كل الرسل لما يتكلمون عن أنفسهم يقولون نذير فقط سيدنا محمد يقول (إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) الأعراف) (إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2) هود) لكن لم يجمع على لسان رسول من الرسل نذير وبشير لم يذكر أحد من الأنبياء عن نفسه ذلك. وإنما يقولون نذير. * ذكر ﴿منه﴾ في الآية ﴿إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ﴾ في موضع آخر يقول (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (25) هود)؟ إذا تقدم ما يعود على الضمير يقول ﴿منه﴾، إذا تقدم ما يعود عليه الهاء يذكر ﴿منه﴾ وإذا لم يتقدم لا يذكر. مثلاً (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (25) هود) لو قال ﴿منه﴾ على من يعود؟ لا يصح أن يقول ﴿منه﴾. ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾ لكن قوله (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50) الذاريات) ففروا إلى الله، ﴿منه﴾ أي من الله. (وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (51) الذاريات) ﴿منه﴾ أي الله. في سورة هود (أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2)) ويذكر ﴿منه﴾ لنعلم أن هذا الإنذار منه، من الله سبحانه وتعالى. ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾ لو قال إني لكم نذير مبين كيف نعلم أنه من الله؟ يقول ﴿منه﴾ أن الله هو الذي أرسلني منذراً. * ﴿إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ﴾ هذا الترتيب أو( منه لكم)؟ يعني لكم حصراً ليس لأحد سواكم؟ هل يقصد بها الجماعة الذين كانوا يعيشون آنذاك؟ المخاطَبين، لكن هنالك في الأمم الأخرى هو حصراً لأقوامهم، أما مع الرسول صلى الله عليه وسلم فالخطاب عام (لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ (19) الأنعام) هو خاتم الأنبيا

ﵟ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ۚ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ﵞ سورة هود - 2


Icon