الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية ية (3) : * (وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ...

برنامج لمسات بيانية ية (3) : * (وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3)) نظرة عامة على الآية ولماذا قدم الاستغفار على التوبة؟ يقولون الاستغفار من الذنوب التي فعلها العبد. والتوبة عامة من شروطها عدم العودة. غفر في اللغة بمعنى ستر. استغفر طلب المغفرة وطلب الستر. الاستغفار سيكون مما سلف. وتاب يعني رجع. التوبة والاستغفار كل واحدة لها دلالة. * لماذا هنا طلب الاستغفار ثم توبوا؟ ثم تدل على التراخي فلماذا جاءت ﴿ثم﴾ هنا؟ وما هي الفترة الزمنية بين الاستغفار والتوبة؟ هذا سؤال نحوي. ﴿ثم﴾ ليست دائماً للتراخي ولكن للبعد بين المنزليتن قد يكون ما بعد ﴿ثم﴾ أعلى ما قبلها. نلاحظ في سورة البلد (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17)) هذه أعلى من تلك لأنه ما تقبل هذه إلا بالإيمان. "آمنت بالله ثم استقم" أحياناً قد تكون ﴿ثم﴾ للتراخي للبعد بين المنزلتين، ليس التراخي بالوقت. هو بعد معنوي وليس بعد زمني. * ما المتاع الحسن؟ المتاع الحسن هو الأمن النفسي والاطمئنان واطمئنان القلب هذا المتاع الحسن. الرضى بالمقدور والقناعة ورجاؤه في الله. الرجاء في الله، إفاضة النعم على المجتمع المؤمن. التكافل فيما بين المجتمع المسلم هذا كله متاع حسن. معاونة أحدهم الآخر، حفظ الواحد للآخر، الأُسرة للأُسر الأخرى ومعاونتها والتعاون فيما بينهم والتواصي فيما بينهم والإلفة فيما بينهم، الرضى بالمقدور والرضى باليسير والقناعة بما عند الله والرجاء هذا كله من المتاع الحسن لأن الكافر في قلق نفسي وجزع عند المصيبة ويخاف من زوال النعم بينما المؤمن يقول هذا قدر الله ربما يقدر لي ما هو أحسن ويأتيني بما هو أحسن. حتى إذا أصابته مصيبة يرضى وقسم يقول هذه فيها أجور كبيرة وهي مكفرات للذنوب، هذا متاع حسن والكافر في عذاب نفسي وهذا أشد أنواع العذاب. إذن هذا من المتاع الحسن إضافة إلى أن ربنا سبحانه وتعالى قال (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12) نوح) هذا كثير، هذا المتاع الحسن. ﴿إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ * ﴿مُّسَمًّى﴾ مبني للمجهول؟ هو إسم مفعول. * مسمى يعني الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلمه، مسمى له ليس مسمى لنا. الأجل المسمى يقصد به يوم القيامة؟ لا شك. بالنسبة للفرد هو أجله وبالنسبة للدنيا هو يوم القيامة. * ﴿وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ﴾ على من يعود الضمير؟ الفعل هنا يؤتي الله سبحانه وتعالى، و﴿كل﴾ مفعول به من البشر و﴿فضله﴾ هذه الهاء في فضله فيها احتمالين احتمال يعود على صاحب الفضل الذي يفعل الخير يؤتيه ربنا لا يبخس منه شيئاً يؤتيه حقه بل ويزيد عليه، واحتمال آخر أن يعود على الله إن الله يؤتي صاحب الفضل فضل الله. * أيهما ترجح؟ كلاهما. ذو الفضل ربنا يؤتيه فضله ويزيد عليه والله يؤتيه فضله. * أليس هناك عائد واحد للضمير؟ الآية تحتمل لأن فيها أمرين، الله سبحانه وتعالى يؤتيه إذن يحتمل وذي فضل يحتمل، إذن يحتمل أمرين والمعنيان صحيحان ومرادان. * ﴿وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ﴾ في قوله تبارك وتعالى ﴿وَإِن تَوَلَّوْاْ﴾ وأحياناً يقول (وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ (16) الفتح) بزيادة التاء، تولى، تتولى فلماذا قال هنا ﴿تَوَلَّوْاْ﴾ بتاء واحدة؟ النحاة يقولون هذا الحذف في اللغة جائز للتخفيف. أصل الفعل تتولوا. الحذف في مثل هذا في اللغة موجود للتخفيف. * هل له قياس أم على غير قياس؟ وجود تائين في المضارع يجوز التخفيف مثل تنابزوا وتتنابزوان هذا موجود، تفرقوا وتتفرقوا. ها موجود في اللغة كمبدأ عام وإن كان في القرآن أمر آخر. * لماذا هذا الاختيار هنا؟ الحقيقة في التعبير القرآني في هذا الفعل عموماً في فعل ﴿تولوا﴾ حيث ذكر التائين قال ﴿تتولوا﴾ يذكرها في الموقف الأشد. وإذا كان أخف خفف بحذف أحد التائين. تتولوا في الموقف الأشد وتولوا في الموقف الأخف. مثال: هنا قال (وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3) هود) وقال (وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16) الفتح). هو قال ﴿فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ﴾ ما قال أعذبكم، المخوف ليس بالضرورة أن يقع، قد يُدرأ. بينما في الاية الأخرى قال ﴿يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ هذا قطع. أيّ الموقفين أشد؟ الآية الثانية.هذا أمر. قال ﴿فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ﴾ ما قال عذاباً كبيراً وإنما قال عذاب يوم كبير، وصف اليوم بالكبر وليس العذاب. هناك قال ﴿يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ وصف العذاب، أيُّ الأشد؟ عذاباً أليماً. إذن لاحظ ﴿تولوا﴾ و﴿تتولوا﴾. هناك مثال آخر: قال (وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ (52) هود) بتائين وقال (فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ (57) هود) بتاء واحدة. نضعها في سياقها: قال ﴿وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ﴾ ماذا قالوا له؟ (قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (53) إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ (54)) الآية الثانية ما قالوا شيئاً (فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57)). مثال آخر (قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32) آل عمران) ما ذكر عذابهم وعقابهم. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ (20) الأنفال) خطاب للمؤمنين ما ذكر عقوبة. (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54) النور)، (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) محمد) عذاب شديد، يستبدل. في القرآن حيث ورد هذا الفعل هكذا، تتولوا أشد.

ﵟ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ﵞ سورة هود - 3


Icon