الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية (10) : * (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ...

برنامج لمسات بيانية (10) : * (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10)) في هذه الآية الكريمة نود أن نقف على معنى النعماء والضراء، ما الفرق؟ النعماء هو إنعام يظهر أثره على صاحبه ، والضراء مضرة يظهر أثرها على صاحبها. * ما الفرق بين النعمة والنعماء؟ النعمة عامة قد لا تظهر الإنسان فيه نعم كثيرة البصر نعمة والعافية نعمة والسمع نعمة والكلام نعمة لا تحصوها نعم كثيرة لكن النعماء يظهر أثرها على صاحبها، أثر ما أنعم الله عليه من غنى أو ما إلى ذلك يحب أن يرى أثر نعمته على عبده إذا أعطاه إياها . * والفرق بين المضرة والضراء؟ المضرة قد تكون عامة لكن الضراء تظهر على الشخص إما في البدن أو شيء يظهر عليه * إذن هذا محدد دلالي مهم. هنا تخصيص ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ﴾ فيها تخصيص ليس مجرد الإطلاق في النعمة، هنالك حالات محددة؟ نعم حالات محددة. * ﴿لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي﴾ ذهب فعل نحسبه للمذكر والسيئات مؤنث فلماذا لم يقل ذهبت السيئات؟ في جميع القرآن الكريم إذا جعل السيئات فاعلاً فالفعل يأتي معها مذكراً (وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا (48) الزمر) (سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا (51) الزمر) (فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ (34) النحل) هذا عام، لكن لماذا؟ لغة يجوز ، هو مؤنث مجازي. * يصح فيه التذكير والتأنيث. لكن لمَ الاختيار هنا؟ هذا نسميه مراعاة المعنى القرآن يذكر ويؤنث لمراعاة المعنى، يقصد به معنى مذكر فيذكر ويقصد به معنى مؤنث يؤنث كما ذكرنا مرة في العاقبة (فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25) الزخرف) إذا ذكّر يقصد به العذاب، (مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدِّارِ (135) الأنعام) إذا أنّث يقصد به الجنة، إذا قصد به معنى المذكر ذكّر وإذا قصد به معنى المؤنث أنّث * كيف نفهم هذا؟ هنا قال ﴿ذهب السيئات عني﴾ كيف نفهم أنه يقصد معنى المذكر أو المؤنث؟ ما المقصود؟ سيصيبهم أثر السيئات، جزاء السيئات، ما توجبه السيئات من العذاب (قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ (50) فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا (51) الزمر)، أصابهم جزاء السيئات (وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاء سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا (51) الزمر) إشارة إلى العذاب. فإذن هنا يراعي المعنى فإذا راعى المعنى ذكّر إذا كان المعنى مذكر وإذا كان المعنى مؤنث أنّث. * هل هناك إشارة لهذا مثلاً في الآية ﴿ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي﴾ ذهب عذاب السيئات؟ ذهب جزاء السيئات؟ نعم، ﴿ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي﴾ ماذا سيصيبهم؟ العذاب إذن ذكّر. ﴿ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي﴾ يعني ذهب البؤس، ذهب سيئ العيش، ذهب سوء العيش، فذكّر. القدامى ذكروا حتى في غير القرآن يا أيها الراكب المزجي مطيته *** سائل بني أسد ما هذه الصوت؟ ما هذه الصوت يقصد به الاستغاثة، يسمع صوت استغاثة يقصد ما هذه الاستغاثة؟ ويعبّر عنها بالصوت لأنه أراد معنى الاستغاثة وليست مجرد صوت. أحياناً يدخل المعلم إلى الصف فيسمع ضجة فيقول أحياناً ما هذا؟ وأحياناً يقول ما هذه؟ ما هذا؟ يعني ما هذا الصوت؟ ما هذا الصخب، وما هذه؟ يعني ما هذه الضجة؟ هذا من غريب ما يذكر في اللغة يقال فلان يعني أحمق، فلان لغوب جاءته كتابي فاحتقرها، * جاءته كتابي وليس جاءه كتابي! هذا أعرابي، قال يا رجل كيف تقول جاءته كتابي؟! قال أليس في صحيفة؟ هذا يتكلم على سليقته، هو في ذهنه الصحيفة، فنطق بالكتاب لكن في ذهنه المؤنث. * هنا ختمت الاية ﴿إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ﴾ ما معنى الفرح الفخور؟ الفرِح هو الأشر البطر وليس مجرد الفرح. البطر يعني يبطر بنعمة الله سبحانه وتعالى (سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (26) القمر). ولذلك ربنا سبحانه وتعالى إذا ذكر الفرح مطلقاً ذمّه إلا عندما يقيّده بما فيه خير. (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) القصص) هذا مطلق، لكن (فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ (170) آل عمران) هذا تقييّد. الفرح العام لا، لكن يمدحه إذا كان مقيداً بما فيه خير. الفرح عام في اللغة لكن القرآن يستعملها إستعمالاً خاصاً. والفخور هو الذي يفخر على الناس، فيها معنى الكِبر ولذلك لم تأت في القرآن إلا في مقام الذمّ (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) لقمان) يتفاخر بنفسه يفخر بما عنده على الناس كما صنع قارون.

ﵟ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ۚ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ﵞ سورة هود - 10


Icon