الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية آية (14) : * قول الله تبارك وتعالى (فَإِلَّمْ...

برنامج لمسات بيانية آية (14) : * قول الله تبارك وتعالى (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ (14)). تحديداً رسم ﴿فإلم﴾ وإذا قرأنا في القصص نجد أن (فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)) واحدة منفصلة ﴿فإن لم﴾ وواحدة ﴿فإلم﴾ متصلة، لماذا هذا الاختلاف وما الدلالة؟ هذا الأمر الذي ذكرته هو من رسم المصحف ونحن عندنا قاعدة معلومة أن رسم المصحف لا يُقاس عليه أحياناً يمزج وأحياناً يفصل لكن أحياناً الرسم يمكن أن يعلل بناحية بيانية، ليس قاعدة مضطردة، الأصل أن رسم المصحف لا يقاس عليه مرة يفتح التاء في ﴿رحمت﴾ ومرة يجعلها على هيئة الهاء (مربوطة)، مرة ﴿لكيلا﴾ يصلها يجعلها كلمة واحدة ومرة يفصلها ﴿لكي لا﴾. * هم لماذا يكتبون بهذه الشاكلة؟ لماذا ليس هنالك نمط واحد؟ هذا رسمهم والقرآن لم يبتدع له رسم خاص به وإنما هذا الرسم الذي كان عندهم. ولكن أحياناً الخط وإن كنا نحن نرى أن هذا رسم المصحف لكن أحياناً يمكن تعليله بناحية بيانية والله أعلم في هذه الآية وفي آيات أخرى والله أعلم. هذه الآية التي نحن بصددها (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (13) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ (14)) رسمها ﴿فإلم﴾ متصلة ليس هنالك نون. في القصص قال (فَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِن قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48) قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (49) فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ (50)) حتى نتفهم الناحية البيانية إن كانت موجودة الناحية البيانية، ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ﴾ هذه فيها نون. هو من الظاهر أن التكذيب في آية هود هو لمحمد خاصة (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ، فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ، فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ) هذا القرآن، التكذيب لمحمد. في القصص التكذيب لمحمد وموسى ﴿قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ﴾ ثم قال ﴿قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا﴾ منهما يعني التوراة والقرآن. إذن الكلام في سورة هود على واحد وهو الرسول صلى الله عليه وسلم وفي القصص الكلام على اثنين الرسول وموسى والتوراة والقرآن. فلما كان الكلام في هود على واحد وحّد الرسم وحذف النون ﴿فإلم﴾ وفي القصص كان الكلام على اثنين جعل الرسم على اثنين ﴿فإن لم﴾ وفصل بينهما لأنهما في زمانين منفصلين الرسول في زمان وموسى في زمان. كان هو متناسب الرسم مع هذه المسألة كونه واحد وحّد. * هل في كل رسم المصحف لنا هذه اللمسة البيانية أو اللفتة البلاغية الموجودة أم هي مصادفة؟ لا أدري هي موافقات لكن أحياناً يلفت نظري أموراً. والقدامى لاحظوا هذه المسألة وسأذكرها الآن، التفتوا في قوله تعالى (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) ص) مرسومة ياء واحدة، (وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) الذاريات) فيها يائين، ياء ساكنة لا تُنطق وياء ثانية تُنطق. الأيد في داوود واحدة، هي نفس الأيد ونفس النطق. ﴿وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ﴾ نفس النطق لكن فيها يائين ياء عليها سكون لا تُنطق. ذاك وصف بها داوود ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ﴾ وهذه وصف لله سبحانه وتعالى فأيد الله غير أيدي البشر فغيّر في الرسم وأضاف ياء أخرى.فأضاف الياء دلالة على أن القوة أكثر. نحن لاحظنا هذا الشيء لكن هل هي مقصودة لا أعلم. مثال آخر (وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا (5) الحج) وصل بين ﴿لكي﴾ و﴿لا﴾ (وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70) النحل) نفس الآية لكن في واحدة فصل ﴿لكي لا﴾ والثانية ﴿لكيلا﴾. نحن عندنا قاعدة في اللغة أن ﴿من﴾ تفيد إبتداء الغاية مباشرة فوصل ﴿لكيلا﴾ ليس هناك فاصل لأن ﴿من﴾ ابتداء الغاية كما ذكرنا (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا (10) فصلت) لما قال ﴿من بعد علم﴾ اتصلت المسألة فوصل ولما قال ﴿بعد علم﴾ لم تتصل ففصل ﴿لكي لا﴾. مثال آخر (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا (37) الأحزاب) فصل ﴿لكي﴾ عن ﴿لا﴾، هو إنفصل عنها ففصل. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ (50) الأحزاب) الزواج متصل فوصل. لكن ملاحظة وقلنا أن عندنا قاعدة خطان لا يقاس عليهما خط المصحف وخط العروض لكن أحياناً تجد أموراً تلفت النظر. رسم المصحف لأنه هكذا لكنه ليس توقيفياً لكن رسم العروض لأنه يكتب ما يُنطق فقط . * هلا استقصيتها في القرآن كاملاً دكتور فاضل؟ هي ليست مضطردة لكن أحياناً يمكن تعليلها والله أعلم، تحتاج إلى دراسة كبيرة، تحتاج إلى جهد كبير للدراسة. * لكن رسم الأحاديث الصحيحة حتى السنة ليس مثل القرآن الكريم. لأن الحديث لم يأمر أن يكتب مثل القرآن، القرآن وحي، الحديث الصحابة كان منهم من يكتب لنفسه. * هل كانوا يكتبون الصلوة والزكوة وهم كانوا ينطقونها في حياتهم الدارجة الصلاة والزكاة فلم يكتبونها على هذا الشكل بالواو؟ هي كانت تفخّم أحياناً. * فيها إشمام بالواو؟ وعندما تكون بالياء يعني تمال إلى الياء. * (فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ (14)) ماذا في هذه الآية؟ لما ذكر هذا الشيء ما يتعلق بقولهم افتراه قال (فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ) يعني القرآن واعلموا ﴿وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ﴾ العلم بهذا من مقتضيات ما مرّ من التحدي لو كان هناك إله لاستطاع أن يأتي بشيء. ثم أمرهم بالعلم فقال ﴿فَاعْلَمُواْ﴾ حتى يكون إيمانهم عن علم وبصيرة بعد إقامة الدليل وليس تصديقاً بلا حُجة، إذن الآن ذكر حُجة، أقام الحج عليهم إذن هذا الآن أصبح علماً ، الخطاب موجه للمسلمين على وجه العموم ، العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما قال تعالى (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) الفرقان) من دون تفكير من دون معرفة إنما يجب أن يكون على علم. ثم الملاحظ أنه قال فيما بعدها في نفس الاية ﴿فهل أنتم مسلمون﴾ إذن هو بعد أن ذكر هذه المقتضيات حفزهم إلى الإسلام وهو الانقياد لأمر الله. * ما غرض الاستفهام هنا؟ يعني أسلموا ولكن لم يقل أسلموا، وهذا أقوى من قوله أسلموا لأن ألا يدعوكم هذا للإسلام؟ ألا تنقادوا لأمر الله؟ ألا يدعوكم ذلك للإسلام؟ هو لم يكتفِ فاعلموا أنه لا إله إلا هو وإنما حفزهم للإسلام، ﴿وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ لم يكتفِ بمجرد العلم، لم يكتف بقول فاعلموا أنه لا إله إلا هو لأنه لو صدّق المرء بقلبه وعلم الحق ولم يكن منقاداً لم ينفعه ذلك. فإذن بعد العلم طلب أن يدخلوا في الإسلام أن يحفزهم للإسلام للإنقياد لأمر الله إذا لم يكن مستجيباً لذلك ولو علِم لا ينفعه ذلك بشيء. * إذا كان الضمير في الخطاب موجه للمسلمين فكيف يقول ﴿فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾؟ هو عام، هو إقامة حجة. ثم ما الفائدة في قوم عاد وثمود وكانوا مستبصرين، ما الفائدة إن لم يستجيبوا إلى الإسلام ﴿فإنهم لا يكذبونك﴾ ما فائدة هذا الأمر؟ وإنما لا بد الأمر بعد هذا العلم لا بد أن يسلموا وإلا يكون ممن أضلهم الله على علم. نلاحظ أمراً آخر ﴿فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُو﴾ هذا هو السبيل للدخول إلى الإسلام، لا إله إلا الله محمد رسول الله، كيف يدخل الإسلام؟ بالشهادة لا إله إلا الله محمد رسول الله. ﴿فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ﴾ هذه محمد رسول الله ، و﴿وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُو﴾ هذه لا إله إلا الله. إذن هذه الآية هي الدخول في الإسلام فقال ﴿فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ . * إذن هناك توأمة بين ﴿فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ وما قبلها؟ قطعاً. هي السبيل للدخول للإسلام، كيف تدخل؟ بهذا الشيء. المصدر: فاضل السامرائي

ﵟ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﵞ سورة هود - 14


Icon