الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية آية (24): * (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى...

برنامج لمسات بيانية آية (24): * (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ (24) هود) هنا الملاحظ أن الله سبحانه وتعالى ذكر صفات كثيرة كالأعمى والأصم والبصير والسميع ولم يذكر الأبكم؟ لماذا؟ هذا الفريق يتكلم، هم كذبوا على ربهم وافتروا يصدون عن سبيل الله، الآن ذكر الفريق الذي يكذب ويفتري إذن هو ليس أبكماً إنما يصد عن سبيل الله ويفتري إذن هو ليس أبكماً. * هو يقصد الفريقين أي فريقين؟ من ذكرهما الآن الفريق المؤمن والفريق الكافر. الذي ذكره في الآية التي سبقت (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ (23)) هذا فريق، وقبلها (وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18)) المفترون. * بدأ بالأعمى والأصم وقدّمهما على السميع والبصير لماذا؟ هو بدأ بهما، ذكرهما، والآن ذكر الذين آمنوا، بعد أن ذكر أولئك وذكر صفاتهم، بدأ بالنموذج الأول الذي هو الفريق الكافر ثم الآن انتهى وقال (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ (23)) بحسب الترتيب المذكور الذي ذكره. * خارج القرآن إذا عكس هذا الترتيب في الآية بدأ بالبصير والسميع؟ ممكن من حيث اللغة. * التقديم والتأخير ليس له علاقة بالأفضل أبداً إلآ إذا اقتضى السياق؟ (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ (2) التغابن) قدّم الكافر على المؤمن لا نقول للاهتمام والحب. مسألة الأفضل إذا كان المقام أو السياق في التفاضل يبدأ بها أما إذا كان هناك اعتبارات أخرى (لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا (40) الحج) ليس بالضرورة، وأخّر المساجد. (مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ (69) النساء) ذكرهم بحسب الترتيب لأن الكلام ﴿فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم﴾ الإنعام بهذه الدرجة ترتيباً، تأتي بحسب السياق. * في قوله تبارك وتعالى ﴿هَلْ يَسْتَوِيَانِ﴾ هل هذا سؤال؟ يقارن بين هذا وذاك؟ طبعاً. هو ما قال لا يستويان، لكن أراد المخاطَب أن يجيب بنفسه هو أراد أن يُشرك المخاطَب حتى يقضي هو على نفسه هو يحكي على نفسه، يقيم الحجة ويحكم على نفسه، يريده هو أن يقول وأن يحكم على نفسه. * عندنا ﴿أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ﴾ هذه تلفت النظر، ﴿أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ﴾ وليس تتذكرون، لماذا حذف التاء؟ هذه تلفت النظر. الآن لو تسأل أيّ واحد أيّ صاحب عقل تقول له هل الأعمى والأصم هو مثل البصير والسميع؟ هل يحتاج إلى تفكير؟ هل يحتاج إلى طول تذكر؟، إلى تأمل؟ ، فحذف لأن هذا لا يحتاج فحذف فقال ﴿أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ﴾ فحذف من الفعل يدل على أنه يكتفي بكلام قليل لا يحتاج إلى تذكر كثير والقرآن يراعي هذه المسائل، مثل توفاهم تتوفاهم، الأكثر يعطي البناء كاملاً، يراعي هذا الشيء، استطاعوا استطاعوا، تفرقوا تتفرقوا، تستطع تسطع، كل هذا بموجب قاعدة الحدث الأخف يخفف من الفعل ويحذف منه والعمل الأثقل يعطيه أكثر.

ﵟ ۞ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَىٰ وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ ۚ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﵞ سورة هود - 24


Icon