الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية آية (28): * (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن...

برنامج لمسات بيانية آية (28): * (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28)) ما هذا الردّ العام؟ وكيف نقيمه في اللمسات البيانية الموجودة في هذه الحلقة؟ هو بدأ بالرد العام يعني أخبروني إذا كنت على بينة يعني برهان وحجة من ربي لتثبت صدقي وصحة ما أقول ثم هذه الأمور الحُجة، الرحمة التي آتانيها أُبهِمت عليكم، لُبِّست عليكم (عُمِّيت) كيف نلزمكم الحجة وأنتم لها كارهون؟ يعني أنتم لا تحبون أن تظهر، يعني هنالك مانعان يمنعان من ذلك الإبهام والالتباس . الآن أخبروني إذا كنت مرسلاً بالفعل وآتاني حجة وبينة من ربي وهذه الحجة أبهمت عليكم ما فهمتموها ثم أنتم لها كارهون تكرهون النظر فيها، لا تريدون أن تسمعوها كيف أوصلها لكم؟! إفترضوا أني على بينة وعلى صحة أنلزمكموها وأنتم لها كارهون؟! وكأن هذا سؤال ، عندكم مانعان الآن أنها مبهمة عليكم وأنتم لا تريدون أن تفهموها فكيف نلزمكم هذه الحجة؟! * ما معنى أنلزمكموها؟ يعني كيف نعطيكم الحجة؟ كيف نلزمها؟ هناك مانعان، يرد عليهم رداً منطقياً، أخبروني كيف؟ لاحظ هو قال ﴿يا قوم﴾ نداء متلطِّف حتى يتألفهم لا يريد أن يثيرهم يريد أن يتودد لهم ويتألف لهم حتى يسمعون ﴿يا قوم﴾. ثم قال ﴿أرأيتم﴾ يعني أخبروني، من الرؤية من النظر. * مثل (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) الماعون)؟ أرأيت بمعنى أبصرت، شاهدت. وتأتي بمعنى الإخبار تأتي بمعنى أخبروني فيها معنى التعجب، تقول: أرأيت إن أصحبت أميراً ماذا أنت فاعل؟ يعني أخبرني، نظرت إلى هذا الأمر فأخبرني. وتأتي بمعنى الرؤية والرؤية قد تكون قلبية وقد تكون بصرية، فهنا يقول له أخبرني ماذا تفعل، الآن أرأيتم أخبروني فيها معنى التعجيب من موقفهم. إذن أرأيتم معناها أخبروني. * هنا قال ﴿إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ﴾ وهو ييكلمهم ويقنعهم بانه رسول من ربه فلم لم يقل بينة من ربكم وقال ﴿من ربي﴾؟ لأن البينة جاءته هو، البينة أى الحجة، الرسالة، المعجزة. لو كانت البينة جاءتهم لكان يقول ﴿من ربكم﴾ لكن الحجة جاءته إذن ﴿من ربه﴾ لأن كل واحد تأتيه البينة من ربه ولذلك في القرآن حيث يتكلم على نفسه هو يعني البينة له يقول ﴿من ربي﴾ وحيث يقول جاءتكم يقول ﴿من ربكم﴾ في جميع القرآن. (قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ (57) الأنعام) من هو الذي على بينة؟ هو الذي على بينة، في أكثر من موضع (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً (63) هود). (قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ (73) الأعراف) في أكثر من موطن، عندما تأتيهم البينة من ربهم وعندما تأتيه من ربه لأن كل واحد تأتيه البينة من ربه والرب هو المرشد والموجّه. لكن هنالك ملاحظة في هذا التعبير جميع الأمم السالفة التي ذكرها ربنا بالقرآن التي خوطبت بنحو هذا يقول (قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ (63) الأعراف) قالها قوم صالح ومدين وموسى (قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ (105) الأعراف) إلا الذين أرسل لهم سيدنا محمد قال ﴿فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ﴾ زاد الهدى والرحمة. جميع الأمم السابقة قال ﴿قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُم﴾ إلا الرسول قال (فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ (157) الأنعام) كل تلك جاءتكم وهنا جاءكم وذكر زيادة الهدى والرحمة على البينة، لماذا؟ لأن الأقوام الماضية ما زاد على البينة ما قال ﴿هدى ورحمة﴾ لأنهم كذبوا وعذبوا وهلكوا إلا سيدنا محمد رُحِموا وهُدوا. * إذن كان هذا المفهوم ضمناً من بداية بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال ﴿هدى ورحمة﴾؟ هذه إشارة، إلماح إلى أنهم يهتدون ويُرحمون، كل الأمم السابقة عذبوا وهلكوا ليس فيها ﴿هدى ورحمة﴾ إلا سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام هداهم ورحمهم . * مع أن الكل من عند الله عز وجل، كلهم أنبياء ومرسلين؟ نعم كله من عند الله لكن الإلماح والإشارة إلى أن الأمة بخير. حتى ﴿جاءكم﴾ و﴿جاءتكم﴾ يختلف تذكير وتأنيث الفعل مع أنه في ﴿فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ﴾ الفاعل مؤنث ، من حيث النحو جائز.يبقى الاختيار، كل الذين قال لهم ﴿جاءتكم﴾ بالتأنيث معناها الآيات الدالة والمعجزات، ومع الرسول عليه الصلاة والسلام هي الكتاب، القرآن هو البينة. البينات يقصد به القرآن لأنه هو معجزة الرسول، هنا راعى المعنى الدلالة مثل ﴿كيف كان عاقبة﴾ (كيف كانت عاقبة) لما يُذكِّر يعني العذاب إذا أنّث معناها الجنة وإذا ذكّر معناها العذاب. * ما اسم هذا؟ مراعاة المعنى، ما معنى الفاعل؟ هل المقصود به مذكر أو مؤنث؟ وبالتالي يؤنث أو يُذكر الفعل وهو جائز في النحو. * لغة يجوز. مع سيدنا محمد يقول ﴿جاءكم بينة﴾ يقصد القرآن؟ ونفس السياق يستمر (وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ (92) الأنعام). إذن هنالك أمران زاد الهدى والرحمة وذكّر الفعل . * استطراد جانبي بعضهم يقول معجزة الرسول عليه الصلاة والسلام القرآن ماذا يستفيد الناس أن القرآن معجزة وهي لغة؟ معجزات الأنبياء كانت حسية سيدنا موسى كان بالسحر وسيدنا عيسى كان بالطب أما اللغة فماذا فيها؟ فيها أمران، الأمر الأول أن المعجزات السابقة محصورة بالقوم الذين شاهدوها وتبقى بالنقل تنقل لنا الآن ولم نرها (هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ (73) الأعراف) بتقديم ﴿لكم﴾ يعني خاصة بقومه هو الآخرون لم يشاهدوها أما القرآن باقٍ لو كان مثل باقي المعجزات لذهب مع من ذهب مثل ما يُنقل لنا عن الرسول صلى اله عليه وسلم ذكر لنا معجزات في تكثير الطعام لكنها غير مشاهدة بالنسبة لنا انتهت والآخرون لم يشاهدوها ، إذا كان مسالة النقل فقد نُقِل عن الرسول بأكثر مما نُقل غيره. * الجذع والشاة والسُم؟ تكاد تكون متواترة في المعنى، أما القرآن موجود مستمر ، هذا أمر. والأمر الآخر وإن كان القرآن تحداهم بالمجيء بمثله لكن فيه أمور ملزمة بمعنى هنالك أمور لا مفر أن تقول إنها من عند الله مثل لما أخبر عن الروم (غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ (4) الروم) وحصل، (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ (27) الفتح) وحدثت هذه الأمور، الإخبار بالغيب والإخبار عن التاريخ الماضي الذي كان ينكره أهل الكتاب ولم يذكر في كتبهم والآن نعرف مثل ما ذكر عن هامان وفرعون مؤخراً، هذه أمور ملزمة، ما ذكر من حقائق أخرى ملزمة، الأمر الأول هو ما يتعلق في التحدي في نظمه ثم ذكر أيضاً أموراً ملزمة الذي يتأمل فيها قطعاً هو يؤمن بها. * بعضهم يهمش مسألة اللغة أساساً بشكل كبير جداً! لأنه لا يعلم اللغة، لا يعرفها. * ماذا نستفيد من اللغة في حياتنا؟ وماذا تصنع بدكتوراه في اللغة؟ بم تفيد اللغة العربية البشرية؟ القرآن ليس هو مجموعة من كلام من دون فائدة لكنه عبارة عن أحكام مصوغة بأسلوب معجز، هي أحكام معجزة في كل شيء، ما يتعلق بالحُكم وما يتعلق بالمجتمع وما يتعلق بإصلاح النفس، عليه مدار العقيدة والإصلاح، إصلاح الناس ، فيه دعوات لإصلاح المجتمعات وأفكار كثيرة، القرآن ينظر في هذا إصلاح المجتمع (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ (88) هود) هذه فيها فائدة للناس، هذا هو أصل الأمر وأس الأمر هو هذا هو إصلاح المجتمع الذي أساسه عبادة الله لكن مصوغ بأسلوب معجز. هذه اللغة ننتقل منها إلى ماذا فيه من أمور تعلمنا أمور الحياة. * في قوله تبارك وتعالى (وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ (28) هود) الملاحظ أن الله تبارك وتعالى قدّم الرحمة على الجار والمجرور وفي موطن آخر في السورة نفسها قال (وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً (63) هود) فلماذا التقديم والتأخير؟ التقديم قائم على الأمور الأهم. ﴿وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ﴾ قدم الرحمة لأن الكلام على الرحمة لو نكمل الآيتين اللتين ذكرتهما (فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28) هود) الكلام عن الرحمة فقدمها، (فعمّيت، أنلزمكموها، وأنتم لها كارهون) كلها تعود على الرحمة لذا اقتضى السياق تقديم الرحمة على الجارّ والمجرور. أما في الآية الثانية فالآية تتكلم عن الله تعالى (فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ (63) هود) (ربي، الله، منه، الضمير في عصيته) كلها تعود على الله تعالى لذا اقتضى السياق تقديم ﴿منه﴾ على الرحمة. (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28)) يتكلم عن الرحمة فقدمها، (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (63) هود) الكلام ليس عن الرحمة وإنما عن الله سبحانه وتعالى. * هل هناك فرق في اللغة؟ هل التقديم يفيد الحصر أو الاهتمام أو الأولوية؟ التقديم عادة يفيد الاهتمام بشكل عام، العرب يقدمون ما هم أعنى ببيانه، ما هم أعنى به، هذا ما يذكر سيبويه وما يذكره عموم النحاة ابتداء من قديم يقدمون ما هم ببيانه أعنى وما هو أهم لهم. * ما الفرق بين رحمة من عنده ورحمة منا؟ أليست الرحمة من عند الله سبحانه وتعالى؟ الرحمة قطعاً من عند الله. نحن عندنا خصوصيات في التعبير القرآني هو لا يستعمل ﴿من عنده﴾ إلا مع المؤمنين فقط في القرآن كله. (فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) الكهف) (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ (35) القمر) (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) الأنبياء) رحمة منا عامة للمؤمن والكافر، للبشر(وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9) هود) الإنسان، (وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ (43) إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44) يس) ﴿منا﴾ عامة، ﴿من عندنا﴾ فقط للمؤمنين. * هل هناك فرق لغوي بين ﴿من عندنا﴾ و﴿منا﴾؟ فيها خصوصية. * في قوله ﴿فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ﴾ ما معنى (عميت)؟ أُبهِمت ولُبِّست. * لماذا لم يقل أُبهمت وأخفيت؟ لو نظرنا ماذا قالوا له قبل قليل ﴿مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ﴾ هم ذكروا الرؤية ﴿ما نراك إلا بشرا﴾ ﴿وما نراك اتبعك﴾ (وما نرى عليكم من فضل) نقيض الرؤية العمى، فقال ﴿فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ﴾ أنتم لا ترون، والغريب هو قال ﴿فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ﴾ بالتضعيف وقُرئيت عَميت، فيها قراءتان عُمّيت وعَميت، عمّيت عليكم، عَميت أيضاً معناها التبست عليهم لكن عُمّيت فيها تشديد، لماذا فيها تشديد؟ هم قالوا ﴿ما نراك﴾ ثلاث مرات فشدد ، كما ضعّفوا ضعّف، عجيب جداً. ويقال عَميت يعني التبست البينات. * والمعنى واحد؟ لا، هما قراءتان متواترتان عَميت وعُمّيت. * استطراد جانبي كيف تكون القراءات متواترة والصيغة مختلفة تماماً؟ حتى يضيف معنى آخر، يريد أن يضيف أكثر من معنى مطلوب فلا يتم إلا بقراءة أخرى مثل مالك يوم الدين وملك يوم الدين. * ليس اختلاف الألسن؟ مثل ﴿حتى حين﴾ و(عتى حين)؟ لا، هذا اختلاف الألسن، هذا شيء آخر. لكن يأتي بكلمة أخرى حتى يكسب معنى آخر. * يعني الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ بالاثنين؟ قرأ بها الرسول عن جبريل وأقرّها؟ كان يقرأها كما نزلت قرأها مالك يوم الدين وقرأها ملك يوم الدين حتى يجمع مالك الملك. وهنا قرأ عُمّيت وعَميت، عَميت التبست وعُمّيت لُبٍِّست، أُبهِمت، يعني أمرين. تقول التبس عليه الأمر ولُبِّس عليه الأمر يعني أحدهم تعمّد أن يلبّس عليه الأمر، عسُرت عليه المسألة لم يقدر أن يفهمها وعُسِّرت عليه زيادة، هي عسيرة وعُسِّرت عليه، هي صعبة عليه المسألة عَسرت وعُسِّرت صار فيها شدة أكثر، صار فيها أمرين، هي ملتبسة ولُبِّست عليه، هي هنا عَميت وعُمّيت . * عَميت من تلقاء نفسها لكن عُمّيت ألا توحي بأن الله سبحانه وتعالى هو الذي شدد عليهم حتى لا يفهموا؟ هم لها كارهون لا يريدونها، هم أعرضوا فختم الله عليهم، هم من تلقاء أنفسهم أعرضوا وكرهوا فختم الله عليهم وشددها ولهذا قرأ قراءتان عَميت وعُمّيت، الإثنان مرادان لأنه أراد هكذا. في عموم القرآءات التي ترد في وجهين مما يؤدي معنى أكثر من معنى. *ما هو إعراب الضمائر في ﴿أنلزمكموها﴾ ؟(د.فاضل السامرائى) أنلزمكموها: الفاعل ضمير مستتر تقديره نحن، ﴿كم﴾ المفعول الأول لأن ألزم يأخذ مفعولين، والواو للإشباع بين الضميرين وليست ضميراً حتى لا يقرأها (أنلزمكُمُها)، ﴿ها﴾ مفعول ثاني. * ﴿وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ﴾ لماذا قدّم الجار والمجرور هنا على كارهون؟ لأنهم يخصونها بالكراهة، لا يكرهون شيئاً ككراهتهم لها. لو قال كارهون لها لاحتمل أن يكونوا كارهون لها ولغيرها لكن هنا يخصونها بالكراهية لا يطيقون أن يروها ، الكراهة درجات، هذه يخصونها لا يطيقون سماعها ولذلك قال ﴿وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ﴾ تخصونها بالكراهة. * لماذا قال كارهون بالإسم ولم يعبر بالفعل (تكرهون)؟ هذه صفتهم الثابتة أصلاً لا تتحول، ولو عبّر بالفعل قد تتغير، الإسم يدل على الثبوت والفعل يدل على الحدوث والتجدد.

ﵟ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ﵞ سورة هود - 28


Icon