الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية (32) : * موقف سيدنا نوح من قومه ما زال مستمراً...

برنامج لمسات بيانية (32) : * موقف سيدنا نوح من قومه ما زال مستمراً (قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32) هود)، هذا التحدي ماذا في هذه الآية من كلام قوم نوح له؟ هو أسقط الشُبَه التي في أنفسهم، كل ما بأنفسهم أسقطه لم يبق عند أتباعه ما يحتجون به، كل الأشياء التي ذكروها انتهت. الآن أرادوا أن يقطعوا الجدال، أرادوا أن يوصدوا الباب الآن قالوا (قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32)) * هو الذي جادلهم ليس هم؟! لم يقولوا تجادلنا. هو الذي كان يجادلهم ﴿قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا﴾ ولم يقولوا فكثر الجدال بيننا، هو كان لا يتركهم أن تجري الأمور هكذا كيفما تكون وإنما كان يلاحقهم ويدعوهم إلى ربهم وكان مأموراً بهذا وهذا شأن الدعاة يذهب إليهم ويثير المسائل ويناقشهم لا يتركهم هكذا وهذا شأن الدعاة. لاحظ ﴿قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا﴾. * لماذا لم يقولوا (تجادلنا)؟ لم يأتوا ليجادلوه، هو الذي كان يذهب إليهم ليجادلهم. هم كانوا يردوه. ولو قال تجادلنا هذه تصبح مشاركة. لكن هو الذي كان يتعرض لهم وهو الذي كان يذهب. * هذا فيه إكبار لدور سيدنا نوح في الدعوة؟ طبعاً. ما كان يسكت، ما كان يترك الأمور هكذا كما كان ولا ينتظر حتى يتعرضوا له إنما هو الذي كان يتعرض لهم، هو الذي كان يذهب. * لماذا قال ﴿فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا﴾ وليس ﴿ما وعدتنا﴾؟ هو كان يكرر الوعد، لم يعدهم مرة واحدة وإنما كان يكرر. * هل هناك فرق بين ﴿تعد﴾ و﴿وعد﴾؟ وعد في الماضي. لكنه يكرر الوعد لم يقلها مرة وسكت وإنما كان يحذرهم، ولو قال بما وعدتنا تحتمل وعدهم مرة واحدة ليس بالضرورة لكن تعدنا يعني كرر هذا الشيء. ﴿فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا﴾ حتى لم يقولوا فإت بما تعد لأنهم غير مهتمين، هو كان يحذرهم ﴿فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا﴾ فيها تحدي فإت بما تعد يعني يدركهم العذاب أو ما يدركهم، لا، قالوا ﴿فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا﴾. * من خلال المحاجّ العقلية إذا ذهب أحد يقول لقومه انبذوا ما أنتم عليه من عبادة واعبدوا الله الواحد الأحد وهم خلقوا وجدوا آباءهم هكذا بالفعل يتصور أن يشق عليهم الأمر؟ يشق أكيد لكن ربنا سبحانه وتعالى وهب عقولاً للناس كثير من الناس يغير أفكاره بالحجة. كثيراً الآن في المبادئ التي عندنا وأناس شاهدناهم يتحول من صاحب فكرة إلى فكرة أخرى بأي شيء؟ بالنقاش بالحجة يغير فكره. قد يكون ملحداً ويتحول إلى مؤمن بالنقاش يحصل هذا الأمر، صاحب فكرة مادية يتحول إلى فكرة أخرى. هذه الحجة لا يغني أنه وجد أبوه هكذا. نحن لاحظنا في حياتنا الآن أناساً أبوه ملحد وهو مؤمن. * لكن لو عُكِس المنطق لو جاء إليّ أحد الوثنين أو المشركين يقول لي اعبد كذا؟ تتناقش معه، ابن سيدنا نوح (يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ (42) هود) ليس بالضرورة أن الأب والابن يتماثلان في الاعتقاد، إبراهيم وأبيه مثال، ونوح وابنه هذه أمثلة. هذه أمور ربنا سبحانه وتعالى خلق في الإنسان عقل للأخذ والرد فمن الضروري أن يستعمل الإنسان عقله. * لو استعمل الإنسان عقله في القرآن الكريم ليؤمنن به فعلاً؟ قطعاً إلا إذا كان في نفسه (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا (14) النمل) هو من الداخل يستيقن بها لكنه لا يعترف وهذا حصل لأبي جهل وغيره وغيره، هو يعترف في نفسه لكن لا يقر به لأسباب كثيرة. يحصل هذا الشيء، أحياناً يقتنع بما يقوله المقابل لكن لسبب ما لا يقره * هذا المنطق هو الذي كان يعتمد عليه الرسل في تبليغ كلمة الله سبحانه وتعالى إليهم؟ نعم.

ﵟ قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﵞ سورة هود - 32


Icon