الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية آية (34): * (وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ...

برنامج لمسات بيانية آية (34): * (وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34) هود). في قوله تبارك وتعالى ﴿إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ﴾ ماذا أفادت هذه الآية؟ لماذا لم يقل ولا ينفعكم نصحي؟ قال سبحانه ﴿وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ﴾ يعني إذا نصحتكم وأنا أريد لكم النصح لأن أحياناً أحدهم ينصح الآخر وهو لا يريد أن ينصحه وإنما لأمر ما قد ينصحه ، وأحياناً هو يريد النصح ففي هذه الحالة هو يبالغ في النصح إذا كان يريد النصح يبالغ يهتم بالنصح * لو قال ولا ينفعكم نصحي وسكت ما يعطي أنه يريد أو يبالغ أو يشدد على النصحية؟ ليس بالضرورة، إن أردت أن أنصح لكم يعني مع إرادتي واهتمامي بالنصح. فرق بين واحد ينصح وهو لا يريد وإنما نصح هكذا، يحصل هذا الشيء في حياتنا واحد ينصح واحد هكذا إما درءاً لكلام أو شيء من ذلك. يقول لا ينفعكم نصحي إذا نصحتكم وأنا أريد نصحكم وفي هذه الحالة هو سيبالغ في النصح. مع هذا الاهتمام ومع هذه الشدة لا ينفعكم النصح إن كان الله يريد أن يغويكم. لاحظ المسألة: هذا الاهتمام الكبير بالنصح من أي واحد مهما كان إرادة الله إذا أراد الله أن يغويه فلا ينفعه النصح. إرادته لا تعني إن كان الله أغواكم، فقط الإرادة ولا ينفع. * هنا إرادته النصح لهم وإرادة الله إن أراد أن يغويهم؟ لا، إن أراد النصح يفعل ﴿ولا ينفعكم نصحي﴾ هو يريد أن ينصح فقط إرادة الله تمنع من النصح وإن كنت مهتماً مريداً لذلك أبالغ في النصح، هو لم يجعل هذا بمقابل إغواء الله. * ربما علّق النصح وإرادته النصح على إرادة الله سبحانه وتعالى إن أراد؟ إن أراد فقط لا يتم هذا. فقط الإراداة. هو يبين أن هذا أمر عظيم يعرفون ربنا سبحانه وتعالى ما هي قدرته فمجرد إرادة الله الإغواء لم يقل إن كان الله أغواكم، النصح لا ينفع مع إرادتي النصح وشدة رغبتي والحرص عليه مهما أفعل لا ينفع إن كانت الإرادة فقط، إن كان لا يريد فقط، إن كان الله يريد أن يغويكم كل هذا الكلام لا ينفع لأنه هو لم يجعل هذا الفعل بمقابل فعل. * قد يتساءل أحدهم هل يريد الله سبحانه وتعالى غواية العباد؟ هذا يبين قدرة الله سبحانه وتعالى (وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) النحل) يبين قدرته وإرادته ماذا تفعل فمجرد إرادته تمنع. لكن هو يريد الخير، يريد أن يعبدوه حتى يعلمهم قدرة ربنا سبحانه وتعالى نحن ينبغي أن نتعلم، ربنا لو اجتمعت الأمة على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ينبغي أن نتعلم كيف تكون إرادة ربنا غالبة، هذا تعليم، يريد أن يفهمهم أن كل عملي هذا إذا إرادة الله سبحانه وتعالى إذا أراد غير ذلك لا ينفع عملي. * مع أنه ربما نفهم أن الله سبحانه وتعالى يريد لهم خيراً بدليل أنه أرسل إليهم نوحاً، هو يريد لهم الخير؟ لكن ينبغي أن يعلمهم . * هنا قال ﴿وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي﴾ وفي الأعراف قال (وَأَنصَحُ لَكُمْ (62)) كيف نوائم بين الإثنين؟ (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ (62) الأعراف) هو ذكر أنه ينصح لهم، السياقين مختلفين. ذكرنا في القصة أول ما وردت في الأعراف هذا في أول الدعوة ينبغي أن يذكر مهمته، بعد تطاول الزمن حصل جدال (قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32) هود) الآن يقول لهم لا ينفعكم نصحي. في بداية الدعوة لا يمكن أن يقول لا ينفعكم نصحي وإنما ينصح لهم ويدعوهم ويعلمهم ويرشدهم وبعد تطاول الزمن وسد الأمور في وجهه قال هذا الأمر. * هل دراسة الزمن يؤثر سلباً أو إيجاباً على مسرح الكلام؟ هو في أول الأمر كما هو في آخر الأمر؟! الآن هناك أمر آخر تبليغ والتبيلغ اسنمر ونصح حتى قالوا ﴿قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا﴾ إذن ذاك في مقام وهذا في مقام، ذاك في بدء الدعوة وهذا المقام عندما حصل ما حصل بينهم وجادلهم فأكثر جدالهم وقالوا فائنا بما تعدنا، المقام مختلف أصلاً ولا يصح أن يكون واحدة مكان أخرى. * إذن من ضمن المعول عليه في فهم آي القرآن الكريم دراسة الزمن؟ الزمن طبعاً والسياق متى قيلت هذه ومتى قيلت هذه. * في قوله تعالى (إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34)) ماذا فيها من لمسات بيانية؟ ﴿هُوَ رَبُّكُمْ﴾ هو الآن ذكر أمران توحيد الألوهية ﴿ألا تعبدوا إلا الله﴾ وتوحيد الربوبية ﴿هُوَ رَبُّكُمْ﴾ حصراً. * لماذا قال في المؤمنون ﴿إنهم ملاقو ربهم﴾؟ هو قال للذين ازدروهم ﴿وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْرًا﴾ ﴿وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ﴾ هذا للمخاطبين، الكلام الآن مختلف ﴿إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ﴾ يتكلم عن المؤمنين الذين ازدروهم قال ﴿إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ﴾. هم بالنسبة لهم قال ﴿هُوَ رَبُّكُمْ﴾ هو ربكم تحديداً ليس لكم رب غيره ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ وإليه ترجعون حصراً لا إلى غيره، (وترجعون إليه) ليس فيها حصر، فيها رجوع إلى الله لكن ليس فيه حصر، يمكن ترجع إلى غيره، ليس حصراً، ترجع إليه ويمكن ترجع إلى غيره واللغة تحتمل. ﴿هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ حصراً لا إلى غيره. هو ربكم حصراً ليس لكم رب غيره وإليه ترجعون حصراً لا إلى غيره فإذن ما اتخذتم من دونه من أرباب وما إلى ذلك هذا ليس شيئاً ولن يغني عنكم من الله شيئاً. ﴿هو ربكم﴾ توحيد ربوبية ﴿وإليه ترجعون﴾ حصراً لا إلى غيره. * لا إلى نسر ويغوث ويعوق لا تنفع ولا تضر؟ ليست أرباباً هو ربكم وحده، إليه ترجعون لا إلى غيره. * (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) نوح) هذه الآلهة. أول ناس عبدوا الأصنام قوم نوح؟ فيما ذكر لنا في القرآن، هذا ما ذكر لا نعلم. * هم أشركوا، هم عبدة أوثان وبالتالي يقول لهم هو ربكم توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية؟ قال لا تعبدوا إلا الله توحيد ألوهية وهو ربكم توحيد ربوبية وإليه ترجعون حصراً لا إلى غيره. هنالك أمر، هو قال ﴿إنهم ملاقو ربهم﴾ للذين ازدروهم وهنا قال ﴿هو ربكم وإليه ترجعون﴾ لم يقل تلاقوا ربكم أيضاً، اختلف التعبير. الملاحظ في القرآن أنه يستعمل ﴿ملاقو ربهم﴾ ونحو هذا التعبير لم يستعمله في الكافرين، يستعمله في المؤمنين فقط واستعمله مرة واحدة في عموم الإنسان. لكن للكافرين لم يستعمل ملاقو ربهم. إليه ترجعون عامة، قال في الصلاة (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46) البقرة) راجعون عامة، في جنود طالوت (قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) البقرة) ربنا خاطب المؤمنين (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223) البقرة) وخاطب الإنسان (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6) الإنشقاق) لكن لم يخص هذا الأمر بكافر، مرة واحدة خاطب عموم الإنسان . إليه ترجعون عامة ليس خاصاً بأحد، استعملها للعموم (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35) الأنبياء) (وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) يس) (وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17) العنكبوت) هذه خصوصية استعمال قرآني .

ﵟ وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ ۚ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﵞ سورة هود - 34


Icon