الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية آية (36) : * هنا الأمر الإلهي يخبرنا ربنا تعالى...

برنامج لمسات بيانية آية (36) : * هنا الأمر الإلهي يخبرنا ربنا تعالى (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (36)) ﴿وأوحي إلى نوح﴾ لماذا جاءت بصيغة المبني للمجهول الذي لم يسمى فاعله مع أنه في موقف آخر يقول (فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ (27) المؤمنون)؟ لو نظرنا في قصة نوح في سورة المؤمنون توضح المسألة، في سورة المؤمنون هو دعا ربه لكي ينصرنه (قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26)) إذن هو دعا ربه فاستجاب له وقال ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ﴾ لأنه دعاه. * الفاء هنا تعقيب؟ تعقيب يعني مباشرة ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ﴾ من دعاه أجابه أوحى إليه، ﴿رَبِّ انصُرْنِي﴾- ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ﴾، ما قال أُوحي إليه، من الذي أجابه؟ هو دعا ربه فقال فأوحينا بالمعلوم. وهنا قال ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ﴾ هو الآن مبني للمجهول لكن ناسب لما قال رب انصرني يعني هو يريد النصر من الله حصراً فقال فأوحينا، من دعاه أجابه، لكن هنا ليس هناك دعوة . فإذن السياق يوضح أنه عندما دعا ربه ﴿قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ﴾ ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ﴾ أجابه هو، المقام مختلف. * الموقف حالة إنقاذ من الله سبحانه وتعالى لسيدنا نوح فلماذا مرة يقول أوحينا ومرة أوحي؟ الملاحظ أنه حيث جاء فعل أمر متصل بالإيحاء فعل أوحينا لا يبنيه للمجهول وإنما يذكر الفاعل في القرآن كله إذا جاء فعل أمر بعد فعل الإيحاء يذكر الفاعل مثلاً (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) الأعراف) ألقِ فعل أمر فقال أوحينا، (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ (7) القصص) فعل أمر، (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123) النحل) (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا (77) طه). (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) المائدة) لم يبنه للمجهول، (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) النحل). مطلقاً في القرآن الكريم حيث جاء فعل أمر بعد الإيحاء لا يبنيه للمجهول، هذه سمة في كل القرآن. وهنا نفس الشيء (فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا (27) المؤمنون)، في القرآن كله حتى لا نقول مصادفة. (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ (1) الجنّ) لا يناقض هذا أن ربنا سبحانه وتعالى أوحي إليه. هو أيضاً لا شك أنه لما يذكر فعل أمر ربنا سبحانه وتعالى ربنا يذكر نفسه حتى نعرف من هو الآمِر . * هنا قال ربنا (بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (36) هود) ومع يوسف قال (فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (69) يوسف) فما الفرق بين يفعلون ويعملون؟ هو قال ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنََ﴾ جاء بحرف الاستقبال حتى سد طريق الإيمان يعني انتهى الأمر، لا يؤمن أحد آخر ﴿فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُون﴾ من استهزاء وتكذيب. يبقى السؤال في يوسف ذكر العمل (فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (69) يوسف). أيضاً من الملاحظ في القرآن أنه يستعمل الفعل ﴿فعل﴾ مع الإهلاك لم يستعمل الفعل ﴿عمل﴾، فعل أعمّ من عمل. سواء كان بالنسبة لهؤلاء الذين يعاقبون أو لله سبحانه وتعالى عندما ينسب الفعل لنفسه. (أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا (155) الأعراف) لم يقل عمل. (أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) الأعراف) يستعمل فعل، في العقوبات وفي الإهلاك يستعمل ﴿فعل﴾ سواء هم فعلوا أو ربنا يستعمل لنفسه فعل (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) الفجر) (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) الفيل) (وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ (45) إبراهيم) (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (17) كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (18) المرسلات) عامة، هذا في السياق كله

ﵟ وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﵞ سورة هود - 36


Icon